لا يمكن أن يتقدم هذا البلد وفيه رجل واحد مثل السيسى يحارب ويفكر ويحاول حرق المراحل وتجاوز سنوات الفساد والكساد بينما مساعدوه مجرد موظفين تقليديين بلا روح يريدون تسيير أعمالهم دون مشاكل وتحقيق أكبر مكاسب عن طريق الفهلوة لا التفكير الإبداعى.
ولا يمكن أن يتقدم هذا البلد ما دام فيه جهة واحدة مثل الهيئة الهندسية للقوات المسلحة تعمل بكفاءة ودقة ولا تعترف بالعقبات والعراقيل ولا تستند إلى تبريرات وأعذار، بل تضع أمامها هدفا وتخوض حربا لتحقيقه، على العكس من بقية المصالح والهيئات المتخمة بالموظفين ورجال الدولة العميقة صناع الفساد وحماته ومن يقاومون التطهير والتقدم.
لننظر إلى قضية واحدة شغلت الرأى العام مؤخرا تصلح نموذجا توضيحيا لما نقول، وهى قضية الأمطار والسيول التى أغرقت الإسكندرية والمحافظات المجاورة، فقد كشف سقوط الأمطار عن عشوائية وفساد إدارى مذهلين، فلا توجد شبكات لتصريف الأمطار أو مخرات السيول، وإن وجدت فهى غير مصانة ومهملة لدرجة إلقاء القمامة فى فتحاتها، وفى أول اختبار غرقت الإسكندرية والبحيرة فى المياه وسقط عشرون قتيلا فى البحيرة والإسكندرية والغربية، غير الخسائر بالملايين فى الممتلكات.
هل هذا هو المتوقع من بلد يريد التقدم وتعويض ما فاته؟ هل هذا هو المتوقع فى بلد يعانى من أزمة مياه كبيرة ويسعى لإيجاد سبل بديلة عن العجز فى مياه النيل، من إعادة تدوير مياه الصرف إلى إقامة محطات التحلية؟
المتوقع أولا من الموظفين المتسببين فى هذه الكارثة أن ينتحروا على الطريقة اليابانية، وثانيا أن يتم تطوير شبكات الصرف ومخرات السيول فى كل أنحاء الجمهوية، وثالثا أن يفكر مسئولونا فى الأمطار والسيول باعتبارها خيرا كلها وموارد إضافية، ويديرون حصيلتها لتصب فى مخزوننا المائى دون إهدار نقطة مياه واحدة.
عندما يحدث ذلك وبسرعة، تسقط الأمطار وتنهمر السيول فلا نشعر بها ولا نتضرر منها ويخرج علينا المسئولون فى الحكومة ليعلنوا إضافة ملايين الأمتار المكعبة من المياه العذبة إلى مخزوننا المائى، سنشعر أن الجهاز الحكومى والإدارى فى مصر على الطريق الصحيح وأن هناك عقلا يفكر للبلد من أجل مستقبل أفضل، وحتى ذلك الحين، على كل المسئولين فى المحافظات المتضررة أن يروحوا على بيوتهم وألا يخرجوا منها، ماداموا لا يملكون شجاعة الاعتراف بالخطأ على الطريقة اليابانية.