أحمد أيوب

مخطط دار مشتاد مستمر.. لا نلوم المتأمرين بل نلوم أنفسنا

السبت، 07 نوفمبر 2015 08:22 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عقب ثورة 30 يونيو بأسابيع قليلة وتحديدا فى أغسطس 2013 تسربت معلومات مخابراتية عن اجتماع عقد فى قاعدة عسكرية أمريكية دارمشتاد بألمانيا جمع قيادات أمريكية وبريطانية وإسرائيلية وتركية وقطرية وشخصيات إخوانية، كان هدف الاجتماع كيف يمكن تركيع مصر اقتصاديا كى تجبر على تنفيذ ما يملى عليها من طلبات وشروط تصب فى مصلحة المخطط الغربى فى المنطقة الذى أفسدته ثورة الشعب المصرى، لفظ التركيع تم استخدامه بالفعل خلال هذا الاجتماع ووضعت له خطة من حوالى 14 بندا كلها تستهدف إرباك المشهد الاقتصادى المصرى وتحويلها إلى دولة فاشلة وإدخالها فى دوامة الفوضى الأمنية من خلال ضخ أكبر كميات من السلاح والمتفجرات إلى مصر بوسائل مختلفة وزيادة وتيرة العمليات الإرهابية وخاصة فى المناطق الحيوية والمقاصد السياحية لضرب أى مصدر يمكن أن يساعد مصر اقتصاديا.

كان من الغريب فى هذا الاجتماع أن يتم إسناد جزء من مهمة التركيع لحماس بالتعاون مع المخابرات الإسرائيلية من خلال القيام بتوفير الممرات الآمنة لدخول السلاح والعناصر الإرهابية إلى قلب سيناء وكانت المقابل الاعتراف الغربى بها كطرف فلسطينى رسمى فى أى تفاوضات على حساب فتح والرئاسة الفلسطينية.

من يومها والسيناريو يسير كما رتب لو فى هذا الاجتماع، ولم يتنازلوا عن بند واحد من المخطط، الذى حددوا لتنفيذة عامين قد يحدث فى بعض الأوقات تقارب شكلى مع مصر وقد تخرج تصريحات من ممثلى هذه الدول تلطف الأجواء أو قد يحدث تقسيم للأدوار بين المؤسسات التابعة لهذه الدول، ما بين جهة تهاجم وأخرى تصالح، لكن كل هذا لم يكن سوى جزء من عملية التمهيد لضربات قاصمة توجه لقلب الاقتصاد المصرى، لتصل الدولة إلى الشكل الكامل وعندما نتابع تطور الأحداث واتجاه العمليات الإرهابية خلال العامين الماضيين سنجدها تسير فى نفس الاتجاة الذى رسمه المخطط بداية من استهداف شبكات المياه والغاز والطرق وسنجد أن ما حدث فى قصة الطائرة الروسية ليس بعيدا عن مخطط دارمشتاد، بل هو أحد مراحله الرئيسية، والتوقيت والمكان والأسلوب والضحية مقصود وليس عشوائى، فليس أفضل من أن يتم هذا العمل قبيل رأس السنة الميلادية، موسم الرواج السياحى العالمى لشرم الشيخ، ويركز الحادث على منطقة سيناء التى كان أحد أهم بنود مخطط دارمشتاد أن تظل أمام العالم بؤرة ساخنة خارج سيطرة الدولة المصرية وتحت يد التنظيمات الإرهابية، ومع طائرة تابعة لروسيا التى تدعم مصر سياسيا واقتصاديا وعسكريا، ثم يحدث بعد ذلك السيناريو المتفق عليه والذى ينتهى حسب مخططهم بضربة قاضية للسياحة الروسية المصدر الأهم للدخل السياحى فى مصر، وتتوالى بعدها الضربات من الدول الأصدقاء فى المخطط وفى مقدمتهم بريطانيا التى تثبت الأحداث أنها بالفعل بلد المكر وصناعة القرارات التآمرية.

إذن نحن أمام كتاب مفتوح قرأناه جميعا وعرفنا تفاصيله وفهمنا مآربه منذ البداية، فهم لم يخفوا نواياهم بل أعلنوها ببجاحة، لكن للأسف تكاسلنا فى التعامل معها أومواجهته، فالخطأ فينا، فلا يمكن أن نلوم المتأمرين، لأنهم أقذر وأحقر من ذلك، لكن نلوم أنفسنا لأننا لم نستوعب أن الخطر ما زال وسيظل مستمر ولن يتوقف، وأن الغاضبين والكارهين لثورة 30 يونيو لن يهدأ لهم بال حتى يحولوها إلى وبال على مصر، لم ندرك أن الحرب متواصلة وأن الدولة ما زالت فى حاجة شديدة إلى اليقظة الدائمة فى كل مكان من مطارات إلى وزارات إلى سفارات، من مسئولين إلى مواطنين، العيب فينا لأننا نتراخى فى حماية بلدنا، نتواكل ونتهاون فى إجراءات مواجهة المخربين والإرهابيين بدعوى أن الوضع أصبح أكثر أمانا، العيب فينا لأننا لم نقرأ الأحداث جيدا ولم نستوعب أننا ما زلنا هدفا للولايات المتحدة وحلفائها، العيب فينا لأننا لم نر بأعيننا التحركات تجرى حولنا من أجل لف الحبل حول رقبتنا وخنقنا سياسيا واقتصاديا وعسكريا، العيب فينا لأننا صدقنا الأمريكان والإنجليز، وتخيلنا أنهم يدعمونا فى محاربة الإرهاب بينما هم كما قال وزير الخارجية أخيرا لم يتعاونوا بالشكل الكافى، لفظ وزارى مؤدب لكنة يحمل حقيقة مرة كان يجب أن نفهمها منذ زمن، العيب فينا لأننا تكاسلنا بلا مبرر، نسينا الخطر وتنازعنا على المكاسب الشخصية، خرج بعضنا ليزايد على الدولة والرئاسة والحكومة والأحزاب الوطنية ويتحدث عن استغلال الإرهاب لقمع الحريات، ولم يحكم ضميره ولو للحظة ليقول أن كل رصاصة تخرج من إرهابى لا تقتل مواطنا بل تذبح أمة بكاملها، فتحنا الأبواب لأبواق الطابور الخامس ومروجى الشائعات ومحترفى الارهاب النفسى، دون وعى لما يدبر لنا، استمعنا لأصوات نعلم جميعا أنها مدفوعة لاستمرار الفوضى وإعادة مصر إلى التخلف مرة أخرى.

بداية المواجهة للمخطط أن نستفيق جميعا، ونلتف حول دولتنا.. أن ندعم قيادتنا ونسندها، إلا تتحول حملات "رايح شرم" أو "أنا مصرى" إلى مجرد رد فعل وقتى ينتهى مع انتهاء الأزمة، مصر لن ينقذها السياح الروس ولا الرضاء الأمريكى.. مصر سينقذها وعى أولادها، وإدراكهم للمخطط ضد بلدهم، مصر سينقذها من المؤامرة وحدة أبنائها.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة