ما تتعرض له السياحة الآن تكرار لأزمات واجهتها السياحة منذ حادث الدير البحرى قبل 18 عاما، فقد كان الهجوم الإرهابى وقتل السياح نهارا، أمرا مفاجئا، لكنه أصاب السياحة فى مقتل، لسنتين على الأقل. تراجعت السياحة وخربت بيوتا كثيرة من شركات أو أفراد ولما عادت السياحة ظلت نهبا لأى عملية أو تفجير، جرى هذا مع حادث طابا ودهب وحوادث مختلفة، السياحة الآن تكاد تتعافى من تأثيرات سنوات عجاف على السياحة، كانت تخرج منها، لتعود مع كل عملية.
كل هذا يرتب البحث عن طريقة تخفف على هذا القطاع الهزات التى تشبه زلزالا لا يحذر قبل أن يضرب. وهو أمر يبدو متوقعا، ويستلزم البحث عن صيغ تأمينية للعاملين فى السياحة تدفع أيام الرخاء، لتقلل الخطر أيام التراجع.
هذه المرة الأمر لا يتعلق بعمل إرهابى واضح، وإنما بحملة دعائية مضادة انطلقت من بريطانيا بشكل يبدو متعمدا، ويحمل خلفيات لصراعات سياسية وإقليمية. والإرهاب خلال العقود الأخيرة يجعل من الصعب الرهان الكامل على السياحة أو بناء توقعات واضحة لعائدات السياحة.
المواطن العادى ربما يكون متفهما لكل هذا، أكثر من بعض المدعين فى الإعلام والسياسة ممن يحاولون ركوب الموجة، بحثا عن تصفيق مع ادعاء معرفة مصحوبا بجعجعة جاهلة أو تصفيق منافق، ومن يلعبون دورا مزدوجا، بحثا عن دور فى السلطة وآخر فى المعارضة.
وفى ظل وضع متوقع فيه تكرار الأزمات، يتطلب الأمر وجود خلايا أو هيئات لإدارة ومواجهة الأزمات، بدءا من أزمات الأمطار وموجات الحر والتقلبات الجوية، وصولا إلى أزمات فى السياحة أو الحملات الإعلامية. من خلال خبراء حقيقيين، وليس مجرد خبراء «توك شو» ممن يجيدون تسويق أنفسهم من خلال معدى البرامج وأصدقاء السلطة، خلايا الأزمات تضم خبراء من كل الجهات والتخصصات، تدرس وتواجه وتصدر بيانات ولا تكتفى بوصايا أمنية، ربما يكون الأمن مهما، لكن الهجمات تتضمن تلاعبات إعلامية مثلما جرى فى حادث الطائرة الروسية، حيث مارست بريطانيا ابتزازا سياسيا ودبلوماسيا غير مسبوق.
وإدارة الأزمات معروفة فى كل الدول، وكثيرا ما يرد اسمها مع كل أزمة ثم ينتهى الحديث، ودورها ليس انتظار الكارثة، لكن توقع ما يجرى من خلال ما يتوفر من معلومات وتقارير فنية، ولهذا فإن الإعلان عن إنشاء خلية لإدارة الأزمات بعد فشل المحليات فى مواجهة الأمطار يذكرنا بأهمية أن يكون هناك خلايا هيئات مستمرة تعمل على مدار الساعة. وتتصرف بسرعة دون انتظار لتعليمات، ولا تتعلق بأزمة الطائرة أو الأمطار وحدها، لكن بالأزمات الطائرة والزاحفة، بدون تهوين أو تهويل أو هيستيريا.