ثورة 25 يناير بريئة فى هذا الموضوع
البحث مطلوب فى كيفية مواجهة التحكيم الدولى بتغريم شركات مصرية مليارا و760 مليون دولار لصالح نظيرتها فى إسرائيل، صحيح أن الحكومة المصرية أكدت أنها ليست طرفا فى الموضوع، لكن فى نهاية المطاف نحن أمام موقف يواجه شركات مصرية تصب فى عموم اقتصادنا الوطنى، ومع التقدير لكل هذه الاعتبارات فإننا أمام حدث كاشف لتحولات سياسية تحتاج إلى التوقف أمامها.
تحيلنا القضية إلى أيام كان الغضب الشعبى حادا من إقدام نظام مبارك على تصدير الغاز إلى إسرائيل، وشهدت جلسات مجلس الشعب صولات وجولات من نواب وطنيين، فى مقدمتهم النائب حمدين صباحى حيث أثاروا القضية ووضعوا الحكومة كلها فى مأزق، وتشكلت لجنة وطنية خاصة بذلك، ورفعت دعوى قضائية أمام المحاكم لوقف التصدير، وتنوع المعارضون بين طيف يبرر موقفه برخص الثمن، وطيف يرفض مبدأ البيع تطبيقا لمبدأ رفض أى نوع من العلاقات مع إسرائيل، وتواصل هذا الموقف حتى قامت ثورة 25 يناير وكان نفس الموضوع محل تسابق بين مرشحى الرئاسة فى عام 2012 فى تأكيد كل واحد منهم على أنه سيقرر وقف تصدير الغاز إلى إسرائيل فور نجاحه، فى نفس الوقت كان مبارك وسامح فهمى وآخرون فى انتظار محاكمة خاصة بهم فى هذه القضية، وانتهت ببراءتهم.
هانحن الآن وصلنا إلى وضع تقف فيه الشركات المصرية موقفا لا تحسد عليه، وأخذه البعض فرصة للهجوم على ثورة 25 يناير، لأنها من وجهة نظرهم هى التى أعطت الورقة لإسرائيل كى تلجأ إلى التحكيم الدولى، فلولا الثورة ما كانت التفجيرات التى حدثت فى الخطوط الموصلة للغاز عبر سيناء، ولولا الثورة لاستمر تدفق الغاز كما كان مرسوما له، وفى هذا امتد نظر البعض إلى الملياردير الهارب حسين سالم بوصفه الرجل الذى يحمل مفتاح الحل لينقذ الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية التى صدر الحكم الدولى ضدها، هناك من يتحدث عن ذلك كوسيلة إنقاذ وليس من باب الدفاع عن سالم، وهناك من يستدعى اسم الرجل من باب التصالح مع الماضى، وغسل سمعة مرحلة بأكملها، فى نفس الوقت التى تتسابق القذائف لاتهام ثورة 25 يناير بأبشع الاتهامات.
ولأن القاعدة الصحيحة تقول إنه لكى نحكم على الحدث فلابد من إرجاع الشىء إلى أصله، أى تتبع الحالة من جذورها، وبتطبيق هذه القاعدة على القضية التى نحن بصددها، ستكون النتيجة المنطقية هى الإدانة الكاملة لنظام مبارك وليس ثورة 25 يناير، فهو الذى قام بتصدير الغاز لإسرائيل، وهو الذى باعه بأبخث الأثمان فى الوقت الذى كان السعر مرتفعا فى الأسواق العالمية، وهو الذى عقد الاتفاقيات لهذا الغرض، وأعطى الضوء الأخضر فى مباحثات سرية وتكشفت حقيقتها ضمن سيل الأسرار التى ظهرت من التحقيقات التى أجرتها النيابة فى القضية، ومن ضمنها زيارات خاصة بهذا الموضوع قام بها الرئيس الإسرائيلى السابق شيمون بيريز، واجتمع خلالها بمبارك، وظل الموضوع كله سرا حتى كشفت عنه الصحافة الإسرائيلية بغرض التأكيد على أن العلاقة بين مصر وإسرائيل عبرت الحواجز الصعبة، وتسجل نموا كبيرا، وكان ذلك بمثابة رسالة إسرائيلية إلى أطراف عربية أخرى تتردد فى السلام مع إسرائيل.
بهذه الخلفية فإن ثورة 25 يناير بريئة من أى اتهام ضدها فى هذا الموضوع، ونظام مبارك هو فى الحقيقة الذى يتحمل المسؤولية الكاملة عما وصلنا إليه، لأنه هو الذى اختار الطريق إلى إسرائيل، فورطنا كل هذا التوريط.
لن يعجب هذا الطرح الذين يرون أنه لا مشكلة فى العلاقات مع إسرائيل لأنها على قلوبهم ناصعة البياض، وأن وجودها لا يهددنا فى شىء من بعيد أو قريب، ولهذا السبب فإننى لست معنى فى حديثى هذا بهم.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد مشالى
الرئيس مبارك يستحق تكريما على الغاز
عدد الردود 0
بواسطة:
زيكو
بين البراءه و التصالح ادفع يا شعب