يخطئ من يظن أن الثقافة عمل تطوعى، يختار الفرد أن يشارك فيه أو يعتزله، فالثقافة فرض عين على كل مواطن، وتوفيرها واجب قومى يقع على عاتق كل مسؤول، لذلك يجب أن تتبنى الدولة مشروعات ثقافية كبيرة تماما كما تتبنى المشروعات الاقتصادية الكبيرة، فبدون الثقافة يصبح الفرد مثل ورقة معلقة فى الفراغ، تتجاذبها الرياح وتعبث بها الأيادى العابثة، ومن هنا يجب أن تجتهد الدولة فى محاصرة المجتمع بالثقافة لكى يتعمق الوعى الوطنى، ويصبح المواطن آلة ردع لكل الأفكار الهدامة والمشاريع التخريبية، وباستقراء سريع لأجندة الحياة الثقافية فى مصر سنجد أن أكثر الأنشطة الثقافية رواجا عند الجمهور العادى هو معرض القاهرة الدولى للكتاب الذى يقبل عليه «ملايين» المصريين كل عام، ولما كان الفن التشكيلى من أكثر أفرع الثقافة تأثيرا فى تهذيب الروح وتثقيف العين ومنحها جرعات جمالية مكثفة وسريعة أقترح أن يتم عمل معرض دولى للفنون تحت اسم «معرض القاهرة الدولى للفنون»، وفيه يتم تقديم الفن التشكيلى كما يتم تقديم الكتاب فى معرض الكتاب، حتى يصبح الفن التشكيلى متاحا للعامة والخاصة، على حد سواء، فيتم إحياء الفن المصرى وزرع نبتته الأصيلة فى النفوس.
إننى أدعو الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى تبنى هذه الفكرة التى إن نفذت فستكون أول مشروع ثقافى حقيقى يضاف إلى عهده ويستمر إلى ما بعده، كما أدعو الكاتب الكبير حلمى النمنم وزير الثقافة إلى دراستها والعمل على تنفيذها، ومن حسن حظنا أن هذا المعرض لن يكلفنا الكثير، بل من الممكن أن يدر علينا عائدا سنويا يضاف إلى خزينة وزارة الثقافة، وأقترح أن يتولى صندوق التنمية الثقافية تنظيم هذا الحدث لما يتمتع به الصندوق من استقرار مالى وإدارى بقيادة المهندس محمد أبو سعدة، وكما أتوقع أن يجد هذا المقترح صدى طيبا، خاصة فى ظل القيادة الجديدة لقطاع الفنون التشكيلية المتمثلة فى الفنان الكبير «خالد سرور» الذى يعمل الآن بدأب، من أجل توصيل الفن التشكيلى إلى كل شرائح المجتمع المختلفة. أتخيل هذا المعرض وكأنه عرس فنى، عالمى يعيد مصر إلى مجدها الفنى المسلوب، عبر استضافة أكبر مصر والعالم العربى وأوروبا وأمريكا وآسيا وأفريقيا، كما أتخيل أن يتم تمثيل جميع أنواع الفنون فيه من تصوير إلى نحت إلى تشكيل زجاج وفخار وخزف إلى تشكيل فى الفراغ وميديا آرت وحرف تراثية وأثرية، كما أتخيل أنه من الواجب أن نختار محورا بحثيا للمعرض، وأن يتم عمل ندوات دورية فنية تثرى الجمهور بثقافة الصورة، كما أتخيل أن يتم عمل «سوق جمعة» على غرار «سور الأزبكية» فى معرض الكتاب، وفيه يتم تداول اللوحات المستعملة والأنتيكات المختلفة، ويكتمل العرس بعمل مسابقة فنية سنوية لكل فرع من فروع الفن، بالإضافة إلى النقد الفنى، وعمل ورش تعليم الفن للأطفال ليكون إحياء النهضة الفنية مكتملا.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة