صلاح جاهين يكشف أسرار نواب الصوت العالى
يمكنك ببساطة أن تعرف المواطن المصرى «اللى بجد» من عدة أمور منها على سبيل المثال قدر ما يحفظه من أوبريت الليلة الكبيرة، هذه الرائعة الفنية الموسيقية التى كتبها صلاح جاهين ولحنها سيد مكاوى.
أوبريت الليلة الكبيرة بالنسبة للمصريين ليس مجرد عمل إبداعى اجتمع فيه جمال الكلمة وحسن اللحنة وروعة العرائس، بل جزءا من تراث الشخصية المصرية يحكى عن عالم الموالد، ولكنه يجسد ويفضح نماذج لشخصيات موجودة فى حياتنا وللأسف تفسد علينا أيامنا، فى الليلة الكبيرة ستجد الأراجوز مجسدا لهؤلاء الذين يدعون الفهم فى كل شىء، وحينما يتكلمون لشرح معالم الطريق يدخلون بك فى المتاهة، وفى اللية الكبيرة الفتوة الذى يدعى مصارعة الأسود ستجد منه كثيرين فى الساحة السياسية لا يقدمون للشارع سوى الشتائم وادعاء القدرة على مواجهة الجميع، بينما تاريخهم السابق يفضحهم بأنهم كانوا أول المختبئين والهاربين وقت المواجهات القضائية والكلامية.
كل شخصية تقلق على مصر سلامها فى هذه الأيام ستجد لها ملامح فى أوبريت الليلة الكبيرة، وكأن صلاح جاهين، رحمه الله، كان يقرأ مستقبلنا، وواحد من شخصيات الليلة الكبيرة الملهمة الحقيقة التى ظهر على الساحة من هم مثلها الآن من خلال معركة البرلمان الأخيرة هو شخصية الأسطى عمارة، والأسطى عمارة فى الأوبريت كان مدعيا وطالب شهرة، وفى معركة البرلمان الأخيرة ووصلات الردح السياسية بين الأحزاب والتيارات وبعضها يوجد أكثر من أسطى عمارة، يتكلمون دون علم، ودون إدراك، ويدعون القدرة على كل شىء وفهم كل شىء، وحينما يأتى وقت الجد والمواجهة لحماية الوطن يكونون أول الهاربين، مثلما فعل الأسطى عمارة فى أوبريت الليلة الكبيرة، ما هو تالٍ:
«ورينا القوة يا بنى أنت وهو.. مين عنده مروة وعاملى فتوة..
يقدر بقدارة على زق التارة ويفرقع بمبة..
وسع وسع وسع وسع..
أنا أزق التارة وأضرب ميت بمبة..
دانا الأسطى عمارة من درب شكمبة..
سيطى من القلعة.. م القلعة..
لسويقة اللالة لا لا لاله..
أنا واخد السمعة..
طب يالا تعالى..
لا ياعم سعيدة هاأو.. دى البدلة جديدة..
ههههأه سعيدة يا أبوبدلة جديدة».
كان صلاح جاهين مبتكرا كما عادته وهو يرسم فى رائعته «الليلة الكبيرة».. شخصية الأسطى عمارة «وفشخرته» الكدابة، وأوهامه عن نفسه وقوته وقدراته وبطولاته وشعبيته التى تنهار أمام جدار التجربة أو الاحتكاك بالواقع العملى.
وكأن صلاح جاهين كان يعرف أن عشرات السنين ستمر لتمتلئ ساحة العمل السياسى والتشريعى فى مصر بالعديد من هؤلاء الذين يشبهون الأسطى عمارة، يتكلمون كثيرا عن أنفسهم ويحملون أنفسهم بوعود لا طاقة لهم بتنفيذها، ويشتمون الجميع ويسخرون من الجميع، ويدعون بأنهم قادرون على الحشد والقيادة، يتصدون الآن لكرسى آخر من كراسى السلطة مثلما أعلنوا تصديهم من قبل لكرسى الرئاسة ثم خذلتهم التجربة ووجدوا أنفسهم على هامش اختيارات الناس مجرد أصفار على يسار، ففعلوا مثلما فعل الأسطى عمارة فى «الليلة الكبيرة»، وزعموا بأنهم انسحبوا لمصلحة الوطن، هم كما الأسطى عمارة يهرب ويتحجج ويختلق الكثير من الشماعات، حينما يأتى موعد التعامل مع الواقع، وقت الأفعال لا الأقوال.
الأسطى عمارة تحجج بالبدلة الجديدة ليهرب من مواجهة تحدى «التارة»، وهم يتحججون بالمؤامرات الداخلية والخارجية وأحيانا بحب مصر والخوف على الوطن ليهربون من تنفيذ ما «جعجعوا» به من قبل.. ولا نقول إلا كما قال صلاح جاهين.. «ههههأه سعيدة يا أبو حصانة جديدة».
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مجدى
قل صيتى ولا تقل سيطى
مجرد تصويب
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود السبيلجى
مقال جميل ومفهوم