يجب أن يعلم أعضاء مجلس النواب الجديد من خلال ما سوف يعرض عليهم من برنامج الحكومة للفترة المقبلة أنه ترجمة لفلسفة إدارة الدولة والتى تبنّاها سيادة الرئيس السيسى منذ أن تولى الحكم وأن تلك البرامج الطموحة التى سوف تعرض فى الدورة التشريعية المقبلة تحتاج إلى الكثير من الموارد المالية حتى يمكنها أن تحقق طموحات الخطة الاقتصادية، وأن تصل بمعدل النمو الاقتصادى إلى 5.5 % من خلال مشاركة القطاع الخاص والعام فى وسائل التنمية الاقتصادية المختلفة.
أضف إلى ذلك الحاجة إلى سلطة واسعة من جانب الدولة فى المشروعات الكبرى حتى يمكننا أن نتحكم فى إنجاح الخطة، وفى رسمها، وفى تنفيذها. أما مجرد الإشراف فلا يكفى فى التوجيه وفى التحكم فى مستقبل الاقتصاد القومي. إن إمكانيات الأمة جميعها (أفراد ودولة) أصبحت اليوم مسئولة ليس فقط على التوازن الاقتصادى بل الاجتماعى أيضًا (أى العدالة الاجتماعية)، بحيث يلزم للدولة فى المرحلة المقبلة أن تحمى سلامتها من الناحية الأمنية العسكرية (الداخلية والخارجية) ومن الناحية السياسية ومن الناحية الاقتصادية ومن الناحية الاجتماعية، لذا يجب أن تتحكم فى قدر مناسب من مقدرات الشعب كله، وألا تترك ذلك لحفنة من رجال الأعمال والشركات الكبرى ليحققوا من ورائه الأرباح وعلى حساب الشعب ومستقبل الوطن كله.
لذلك ورغبة فى التوسط، حقيقة الموقف، أن النظام الذى اتبعته إدارة الرئيس السيسى يقف موقف الحياد من النظام الفردى والنظام الجماعى، ولم يكن هذا منه توسطًا بين النظامين وإنما كان استجابة طبيعة لمقومات بلادنا ومبادئ ثورتى يناير 2011 ويونيو 2013، فنحن فى بساطة فى مصر اليوم ننشر الملكية الفردية وندعم القطاع الخاص الوطنى فى كل المجالات والأنشطة الاقتصادية، وفى بساطة أيضًا فقد أقمنا ملكية عامة واسعة فى قطاعات اقتصادية عديدة وجديدة. وعليه لا يمكن إذن أن يكون هذا الموقف من الادارة المصرية، لمجرد رغبة فى التوسط بين نظام رأسمالى ونظام اشتراكى، وإنما هو إحساس بحقيقة الإنسان المصرى وبحقيقة تكوين المجتمع.
فالمجتمع فى بلادنا يتكون من أفراد بحيث لا يمكننا أن نحقق لهم السعادة والاستمرار فى العمل والإنتاج إن أهدرنا حق الفرد، والأفراد يكونون مجتمعًا بحيث لا يمكننا أن نحنى مجموع الأفراد (ونحقق السلام الاجتماعى) إن أهدرنا أيضًا حق الجماعة. لذا تجد أن فلسفة الرئيس السيسى كما أراها أنها تحترم الفرد لأنه هو النواة الأولى للمجتمع، وأنها أيضًا تحترم الجماعة، لأن الفرد لا يوجد خارج الجماعة، وعلى ذلك فالتطبيق الذى لجأت له إدارة الرئيس أن يحترم الملكية الفردية فى قطاعات، ويحترم الملكية العامة فى قطاعات أخرى، ويحترم حرية الفرد وملكيته فى نطاق، ويؤمن بسلطة الدولة وملكيتها فى نطاق.
والحق أن هذه الفلسفة هى محاولة إنسانية مدروسة للتوفيق بين مصلحة الفرد والمجتمع، وترد إلى منطق الايمان بمجتمع الملايين ومجتمع أصحاب الملايين، على أن يجتمعا على هدف واحد وهو مستقبل مشرق لمصر.
•أستاذ الاقتصاد السياسى والمالية العامة – جامعة القاهرة .
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة