بدعوة كريمة من الناشطة هند جوزيف ممثلة لبيت العائلة فى القوصية، شرفت كمتحدث رئيسى فى ندوة بعنوان: (مصر بين ثورتين)، اتسعت قاعة تابعة لمطرانية القوصية للأقباط الأرثوذكس لما يضيق بة صدر الوطن أحيانا، نساء ورجال، شباب وشابات وأطفال، محجبات ومرسلات الشعر، عمائم بيضاء وسوداء، يتقدمهم: الشيخ ماهر نجيب والشيخ حجاج نصير، القس كيرلس نجيب، هند جوزيف أمين، حمادة أبو سيف، مصطفى محسب، عماد زكريا، سامى خيرت رميح، على الشريف، جمال بيبرس، تادرس القس سلوانس، حمادة أبو سيف، وآخرون، على مدى ثلاث ساعات تحدثت فيها نصف ساعة، وفى ساعتين ونصف الساعة تحدث 25 متحدثا بإدارة فائقة من حمادة أبوسيف، تنوعت المداخلات والأسئلة، وتركزت حول مستقبل مجلس النواب، مشكلات الشباب، التغيير، المصالحة الوطنية، ثورتى 25 يناير و30 يونيو، الفقراء والعدالة الاجتماعية، البطالة إلخ، توقفنا كثيرا أمام إشكاليات الشباب وقام المفكر جمال أسعد بالرد على بعض الأسئلة عبر مداخلة تضمنت أن لا مصالحة فى الدم ومع من يرفع السلاح فى وجة الوطن، ورأى أسعد أن على الشباب بدلا من المقاطعة الضغط بالمشاركة، وساد مناخ ودى رغم سخونة الندوة والحاح عدد من الحضور يمثلهم سامى خيرت على الرغبة فى الحصول على إجابة مباشرة : «هل حدث تغيير فى الوطن أم لا»؟
شعرت أن الإجابة على سؤال التغيير تجسدت فى الحضور (للمرة الأولى أشعر بقيمة بيت العائلة) لأن المشاركين فى الندوة كانوا ممثلين حقيقيين للأهداف التى أنشئ من أجلها البيت بعيدا عن «تكية القاهرة» من الأفندية والكلمنجية وبوس اللحى، ممثلين حقيقيين للمجتمع المحلى يختلفون فى الرؤى ويتفقون إنسانيا ووطنيا.
لم تنته الندوة وينصرف الحضور بل لمدة ساعة أخرى تحول الحضور إلى حلقات مناقشة حول نقاط الاختلاف، صور تذكارية، لم أشعر أننى فى ندوة والسلام بل فى رواق من أروقة الأزهر فى عصر النهضة، طبيعة الرواق جعلتنى أتذكر رواق «أبناء العسال» الأقباط الأزهريين، بعدها انتقل أغلب الحضور إلى دعوة عشاء فى بيت عائلة آخر، «ديوان» ورواق أبناء المقدس جوزيف أمين، بعد عشاء (فطارى وصيامى نظرا لصيام الميلاد) ويخدم علينا الأستاذ روميل صداق وزوجته وأطفالهما هندو هيتى، والسيدات، هدى ونيرمين وجورجيت جوزيف، مشايخ وقساوسة يقتسمون الطعام، أدركت بكل المعانى استنارة الأسقف الأنبا توماس من لمسات الحضور، تأكدت من بيت العائلة الممتد من قاعة الندوة الملاصقة لقاعة الطعام فى منزل بيت عائلة المقدس جوزيف.. وتحول الحضور إلى صالون ذكرنى بصالونات الارستقراطية المصرية فى زمن التنوير، حتى مطلع الفجر استكملنا أطراف الحديث.
لم أتحدث كثيرا لأنى غرقت فى تأمل تأصيل بيت العائلة، ولم أشعر للحظة بأى تكلف من نساء المنزل أو شعور بالغربة فى حضور القساوسة والمشايخ تمنيت أن يتبنى بيت العائلة على امتداد النهر ما يفعله بيت العائلة فى القوصية، وفى الطريق للقطار بصحبة روميل صداق وهند جوزيف تمنيت أن تكتشف النخب القاهرية وصناع القرار مثل هذه السيدة هند وتلك العائلة الجوزيفية وبيت العائلة الأزهرى الكنسى، لكى يعرف الكل أن الوطن بخير، حرصت على أن أنقل صورة مصغرة من ذلك اللقاء الحميمى لأن المناخ الذى ساد الندوة والعشاء فى منزل عمنا جوزيف أمين كان أهم من سرد وقائع ندوة لأن ما جرى يجسد الوطن القادم من أعماق الجرح وأحلام المشايخ والقساوسة والشباب والأقباط والمسلمين والنساء والأطفال، تحية لكل من أعاد لى الثقة فى بيت العائلة.