كيف تلعب التكنولوجيا دوراً لخدمة الاقتصاد المصرى؟.. أمس الأول الأحد، أطلق الرئيس عبدالفتاح السيسى مبادرتين حول صناعة تكنولوجيا المعلومات فى مصر، أولهما مبادرة «تصميم وصناعة الإلكترونيات»، والأخرى «مبادرة التعليم التكنولوجى»، مؤكداً خلال افتتاح الدورة الـ19 للمعرض الدولى للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، أن تنمية وتطوير قطاع الاتصالات ستحدث طفرة اقتصادية كبيرة تؤدى لزيادة حجم الإنتاج وتطوير جودته وتحقيق طفرة حقيقية فى مستوى دخل الفرد فى مصر نتيجة للقيمة المضافة العالية التى يحققها هذا القطاع بعقول وسواعد أبنائه.
ما قاله السيسى يسير مع التوجهات العالمية التى تعتبر أن الاستثمار فى صناعة الاتصالات والتكنولوجيا هو الاستثمار المستقبلى، لذلك فلا يعقل أن يبقى قطاع التكنولوجيا فى مصر الأقل فى مستوى الإنفاق إذا ما قورن بالقطاعات الأخرى، لذلك فمن المهم التأكيد على ما قاله الرئيس بأنه من المهم أن تعمل الدولة على مضاعفة الاستثمار فى هذا القطاع خلال المرحلة المقبلة، خاصة أنها صناعة تدخل فى اهتمامات الكثيرين، كما أنه بالنظر لما حققته فى مصر الفترة الماضية سيجد أنها أسهمت كثيراً فى الاقتصاد المصرى، فخلال العام الماضى فقط أسهمت بما يزيد على 52 مليار جنيه مصرى، بما يمثل %3 من إجمالى الناتج القومى المصرى، كما أنه وفقاً لما أعلنه الرئيس أمام المؤتمر، يوفر هذا القطاع الواعد ما يقرب من مليون فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، كما يسهم فى تحقيق صادرات تقدر بما يزيد على 12 مليار جنيه مصرى إلى ما يزيد على160 دولة حول العالم، من خلال 200 شركة مصرية عاملة فى تصدير المنتجات والخدمات الخاصة بهذا القطاع.
كل ذلك يؤكد الأهمية التى يجب أن نوليها لهذا القطاع الحيوى والمهم، حتى تتحول مصر إلى مجتمع رقمى يقود حركة الاقتصاد، فما لدينا من إمكانيات لا تقل عن دول مجاورة لنا اتخذت من التكنولوجيا قاطرة لدفع اقتصادها للأمام.
ما الذى تحتاجه مصر لتطوير قطاع التكنولوجيا؟.. المطلوب واضح وأكد عليه الرئيس فى كلمته، وبالتالى لا يحتاج لاجتهاد من أحد، لكنه يحتاج فقط للعمل على التنفيذ، المطلوب هو تطوير نظام الحوكمة وتكامل قواعد البيانات للمؤسسات الحكومية وغير الحكومية، وتحسين الخدمات الحكومية وإتاحتها بشكل متكامل لجميع أفراد المجتمع بما فى ذلك سكان المناطق الريفية والنائية المهمشة ومحدودة الدخل، ودعم تحسين الأداء العام وكفاءة وشفافية الهيئات الحكومية، بالإضافة إلى وضع تشريعات لتعزيز الثقة بالمعاملات والخدمات الإلكترونية.
النقطة الأخيرة هى الأهم بالنسبة لنا، خاصة فى ظل انتشار جرائم النصب من خلال الإنترنت التى قد تؤثر سلباً على ثقة المواطنين بالمعاملات عبر الشبكة العنكبوتية، فمصر فى حاجة لمنظومة قانونية تحمى هذا النوع من التجارة التى تعتمد عليها دولاً كثيرة، ومنها دولاً عربية أصبحت لا تلجأ للمعاملات اليدوية إلا فى القليل جداً.
هل مصر قادرة على توفير معايير الأمن المعلوماتى؟.. هذا سؤال مرتبط بالبنية التشريعية التى يجب أن تقرها الدولة مستقبلاً لتوفير الأمن المعلوماتى، وهذا ليس بالأمر الصعب ولا العسير، لوجود تجارب متعددة فى دول كثيرة من بينها دول فى المنطقة. يمكن الاستفادة منها كما أن مصر قطعت شوطاً ليس بالقليل فى هذا المجال، ويمكن البناء على ما تحقق، كما أن لدى مصر خبرات يمكن الرجوع إليها.
القضية بالنسبة لنا تتعلق أساساً بوضع استراتيجية وطنية لتأمين البنية التحتية للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات يتم التوصل إليها من خلال فتح نقاش مجتمعى بين كل المهتمين بهذا القطاع، للوصول إلى اتفاق حول القوانين المطلوب إصدارها، والتشريعات المطلوب تعديلها لتحقيق طفرة فى قطاع التكنولوجيا والاتصالات، وهذه مهمة الحكومة التى يجب أن تتعاون مع مجلس النواب فى إصدار هذه التشريعات لتوفير البيئة المناسبة التى تجعل المستثمرين، خاصة الأجانب لضخ أموالهم فى هذا القطاع والمجال الحيوى الذى لا يقل أهمية عن القطاعات الأخرى، بل إنه يعد رافداً مهما من الروافد التى يمكن الاعتماد عليها فى زيادة الحصيلة الاقتصادية للدولة، الأفكار كثيرة والنية موجودة لكن ما تحتاجه مصر التنفيذ الحقيقى، وليس التكاسل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة