إذا أردنا للتحالف الإسلامى الجديد أن ينجح فى مهمته الأولى، وهى محاربة الإرهاب، فلا بد أن نتعامل بصراحة، ونعترف بأن هناك أكثر من دولة داخل هذا التحالف تدعم الإرهاب بالمال والسلاح والمرتزقة، لتحقيق أهداف خاصة بها أو بالوكالة عن الدول الكبرى.
إذا أردنا لهذا التحالف أن ينجح فى مهمته، فلا بد أولا أن نعرّف الإرهاب الذى نحاربه، إذا كنا بصدد محاربته فعلا، وليس على طريقة التحالف الدولى الذى تقوده أمريكا، الذى يلقى بالسلاح والأطعمة الجاهزة والدولارات على معسكرات الإرهابيين بدلا من القنابل، ويضرب لهم المجموعات المناوئة حتى يفسح الطريق أمامهم ليتمددوا ويبسطوا سطوتهم على أكبر مساحة من الأراضى.
هل النوايا صادقة والرغبة قوية فى إيقاف الفوضى التى تنزلق إليها المنطقة برمتها؟ إذن علينا أن نحاسب الدول الأعضاء فى التحالف الجديد التى تقدم الدعم بكل أشكاله للإرهابيين فى سوريا والعراق وليبيا ومصر، وأن نرغمها على وقف هذا الدعم فورا، وعلى قيادات التحالف الجديد أن تضرب على أيدى أردوغان تركيا وتميم قطر، لأن يتوقفا عن رصد الأموال والأسلحة والمرتزقة لتأجيج الصراعات الأهلية فى البلدان العربية، فلا يمكن أن نشكل تحالفا يدعم الإرهاب صباحا ويقصفه ليلا، لن يكون له معنى إذن، وسيكون مجرد واجهة للتغطية على شىء ما، وسوف ينكشف هذا الشىء المراد التغطية عليه عاجلا أم آجلا.
وإذا أردنا لهذا التحالف أن ينجح، على الدول الأعضاء فيه أن تتوقف عن الكيد والتدخل فى الشؤون الداخلية لبعضها البعض، فكيف يستقيم أن تكون مصر فى مقدمة الدول المشاركة فى التحالف إلى جانب تركيا وقطر، والأولى تأوى الإرهابيين وتمول الإرهابيين فى غزة الذين يستهدفون الأراضى المصرية عبر الأنفاق وتجاهر بعدائها لمصر، ودعمها لجماعة الإخوان الإرهابية.
والثانية تأوى كل الإخوان الإرهابيين المطلوبين من الإنتربول الدولى فى جرائم بمصر، وتمدهم بالمال والمأوى وحرية الحركة والعمل ضد مصر، كما تتبنى سياسات إعلامية شديدة الوضاعة والكراهية ضد مصر والمصريين.
كيف يستقيم إذن أن تجتمع القاهرة والدوحة وأنقرة على مواجهة عدو واحد، تحاربه القاهرة علنا وتدعمه الدولتان الأخريان سرا؟ وكيف يستقيم أن تظل أنقرة والدوحة تأويان أعداء الوطن ثم تطالبنا بأن يتجاور الجندى المصرى مع نظيره التركى والقطرى؟!
وإذا كانت الأمور تسير فى طريق إرسال قوات إلى سوريا لمحاربة الإرهاب هناك، هل سيحارب كل جندى بحسب سياسات بلاده ويقاتل الإرهاب حسب تعريف قائده، أم سيكون لقوات التحالف قيادة موحدة تعرف ما هو الإرهاب ،وما هى عناصره على الأرض، وإلى من توجه أسلحتها، داعش أم جبهة النصرة أم القاعدة أم قوات الأسد أم تجار الحروب والشبيحة؟ من سيحارب التحالف بالضبط حال دخول قواته سوريا؟
الوضع فى سوريا أخطر بكثير مما كان عليه فى اليمن، فدول العالم الكبرى تقصف فى سوريا، والصراع على أشده بين المعسكرين الغربى والروسى الإيرانى، وروسيا لن تسمح بالخروج مهزومة من الأراضى السورية.
كما لن تسمح بتنفيذ السيناريو الأمريكى، الذى يرى ضرورة هزيمة بشار الأسد ورحيله بالدبلوماسية أو بالقوة العسكرية، فماذا نحن فاعلون بالضبط فى هذا التحالف الذى ولد كبيرا وبسرعة ولكن دون بوصلة؟!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة