أيام قليلة ويعقد أول مجلس نواب فى مصر جلساته، لندخل جميعا فى امتحان حقيقى، نواب وشعب، برلمانا من المفترض أن يكون خاليًا تمامًا من كل مصرى لم ولن يعرف قيمة هذا البلد، مجلس نواب خالٍ من المتاجرين بدماء وفقراء مصر، الذين لم يتم إنصافهم منذ عشرات السنين، شعب لم تنصفه جماعة المستفيدين من هوجة يناير وثورة يونيو، شعب خرج للإطاحة بنظام مبارك فابتلى بما يعرف بنشطاء الهوجة أو مراهقى يناير، وعندما خرج ليصحح الأوضاع فى 30 يونيو لتطهير مصر من حكم الإخوان، فوجئ هذا المواطن بعودة أسوأ ما كان فى نظام مبارك.
شعب حلم بالتغيير إلى الأفضل منذ يناير 2011 لكنه فوجئ بالأسوأ بعد انهيار كل قيم المجتمع، وكأننا خرجنا ليس للإطاحة بمبارك ومرسى بل لتدمير كل ما فينا من أخلاق وثقافة. هذا هو المشهد المصرى الآن، مشهد يختلط فيه العنف بالبلطجة بالإرهاب، ويضاف إلى كل ذلك الانهيار الأخلاقى والسياسى والاقتصادى والاجتماعى والرياضى، وهو ما يجعلنى أخشى أن يكون مجلس نواب 2015 خاليًا من أى شىء، من المعارضة ومن الأحزاب، برلمان لن يكون أعضاؤه سوى مجموعة من المنتفعين الجدد، ومن يقرأ أسماء النواب يكتشف أننا لا نعرف %99 منهم، إذن، نائب برلمان 2015 لن يكون نائبًا للتشريع، ولا نائبًا للخدمات، وسيقتصر دوره على رفع الأيادى بالموافقة على القوانين، ولن يكون هناك صقور تحت القبة، لأن نوعية المرشحين، وكيفية اختيارهم ضمن قوائم انتخابية، اختير أغلبها على أساس المصالح، لذا فإن آخر شىء سيفكر فيه أغلب نواب برلمان 2015 هو المواطن الذى كان يظن أن هناك أملًا لبناء حياة سياسية نظيفة، ولكن خاب ظنه، فلا برلمان «شافع» ولا معارضة «نافع»، والنتيجة أننا سنرى برلمانًا خاليًا من الدسم والشطة والنواب الحقيقيين، بالرغم من أن مواد الدستور تعطى لهذا البرلمان ونوابه حقوقًا تجعله يتساوى فى حقوقه مع رئيس الجمهورية، ولكن هل سيفهم هؤلاء النواب ذلك؟ أشك، وأتمنى أن يخيب الله ظنى، ويكون هذا البرلمان هو أمل مصر القادم لبناء مصر الحديثة.
أيام قليلة ويكون لدينا برلمان من لحم ودم، برلمان نتمنى أن يكون مختلفًا ولو قليلًا عن برلمانات عصر الفاسد مبارك، والفاشى مرسى، برلمان خالٍ من مصطلحات «سيد قراره»، أو «موافقون»، أو «نواب الكيف»، أو «نواب القروض» وغيرها مما وجد فى المجالس السابقة التى كانت عارا على الحياة السياسية، والسبب أن أغلب هذه المجالس جاءت عبر عمليات تزوير للنتائج، وتقفيل اللجان، أو تسويد بطاقات الانتخابات، وهذا الثالوث هو الذى أفرز برلمانات مشوهة وممسوخة وفاسدة، برلمانات كانت تسبح باسم الرئيس، برلمانات كانت تأتى لخدمة الرئيس وأغراضه وليس لخدمة الشعب، وأفرز نوابًا جاءوا لنهب ثروات الشعب الذى أعطاهم أصواتهم، لكنهم انقلبوا على هذا الشعب، نواب استخدموا الحصانة البرلمانية لكى ترتكب كل الجرائم دون رقيب، بعد أن اختبأ كل النواب الفاسدين فى جلباب الحصانة التى دمرت كل مجالس الشعب السابقة منذ الملكية وحتى الآن، ويبقى السؤال: ما الذى تغير فى شعبنا حتى يجعلنا نراهن على نغمة التغيير، فهذا الشعب هو الذى تسبب فى أن يحكمنا آل مبارك لمدة 30 عاما، شعب عندما ضاق بحكم مبارك وحزبه الفاسد، جاء بمحمد مرسى وجماعته الفاشية، وحتى الآن نخشى ألا يكون هذا الشعب قد تعلم الدرس، خاصة أن مجلس نواب 2015 لن يكون بقوة وزخم برلمانات ما قبل يناير ويونيو بعد اختفاء أغلب من مارسوا العمل السياسى، وأخشى أنه خلال الفترة القادمة، وبدلًا من أن يكون دور النائب هو التشريع نجده يقع فى المساوئ التى طالت نواب عصر مبارك ومرسى.
عبد الفتاح عبد المنعم
مجلس نواب 30 يونيو..نتمناه مختلفا عن برلمانات مبارك ومرسى
الخميس، 17 ديسمبر 2015 12:00 م