تقف طويلا، متأملا، وقارئا، ومحللا مشهد احتضان جندى مصرى لإرهابى حاول أن يفجر نفسه فى كمين أمنى، وانفجرا سويا، وأنقذ زملاءه الجنود وقائده من الموت المحقق.
هذا المشهد المكرر إلى حد التطابق فى سيناريوهات عديدة، لا تبصره عينك، ولا تسمع عنه أذنك، إلا بين صفوف الجيش المصرى، مصنع إنتاج الرجال الأبطال البواسل، منذ فجر التاريخ وحتى الآن.
العقيدة القتالية، تأسيسا على عشق الموت فداء للأرض والعرض والشرف، ينفرد بها أبناء القوات المسلحة المصرية، من أصغر جندى، إلى أعلى رتبة.
أبناء الجيش المصرى، أصحاب فصيلة دم واحدة، نوعها الرجولة، تجرى فى شرايينهم، وجسّدها عمليا البطل الشهيد مجند محمد أيمن، الذى ضحى بنفسه واحتضن الإرهابى أمس الأول، وانفجرا سويا لينقذ زملاءه وقائده.
البطل الشهيد هرول نحو الموت، رافضا نداء وطلب قائده بأن يعود، ولا يعرض حياته للخطر، ولكن رفض أن يلبى التعليمات، ويحطم الأوامر العسكرية تحطيما من أجل أن يضحى بروحه ويفدى رفقاء سلاحه.
أى عقيدة قتالية، هذه التى تربى عليها أبناء القوات المسلحة، وأى روح تتمتع بها الجندية المصرية، وأى بطولة، وشجاعة وفروسية يتحلى بها هؤلاء الأبطال.
واقعة البطل محتضن الموت لم تكن الأولى، فكلنا نتذكر البطل حسام جمال جمعة، ابن الفيوم الذى ضحى بنفسه معترضا سيارة مفخخة تحمل نصف طن متفجرات دفع بها إرهابيون لتنفيذ عملية انتحارية ضد كمين سدرة أبو الحجاج، وأطلق المجند الشهيد النار على الانتحارى الذى كان يقودها ما أدى إلى انفجارها خارج منطقة الكمين واستقبل جسده التفجير بكامله ليتحول إلى أشلاء تتناثر فى أرجاء المكان، ولم يتبق منه شىء يمكن لأسرته أن تواريه الثرى فى مقابرها بمركز أطسا محافظة الفيوم، وتم دفن ما تبقى فى مقابر الشهداء بالقاهرة.
مثل هؤلاء الجنود المعجونون بطين هذا الوطن، ورغم فقرهم وبؤسهم الشديد يضحون بأرواحهم من أجل أمن وأمان وسلامة، بلدهم، وتقشعر أبدانهم عندما يسمعون عزف السلام الوطنى، فى حين لا تقف جماعة الإخوان الإرهابية، وحواريوهم احتراما له، بينما رأينا أعضاء حركة 6 أبريل، ونحانيح ثورة يناير ونشطاء السبوبة، يحرقون العلم المصرى فى ميدان التحرير عيانا جهارا، ثم يخرجون علينا مرتدين عباءة الثورية والوطنية، فى مشهد تمثيلى، يرفض أن يؤديه كومبارس درجة سابعة.
جنود الجيش، شهداء الحق والواجب، يتم اغتيالهم بدم بارد على يد إرهابيين وخونة، يعقدون صفقات الخيانة، ويتاجرون بسلعة الوطنية الرخيصة والحقيرة، ويبحثون عن مقاعد السلطة، والمال والنفوذ على أشلاء جثث أشرف من أنجبتهم مصر، أبناء الذين يخرجون للعمل فجرا وحتى أذان المغرب فى الأرض، يحملون فؤوسهم على أكتافهم، ويضربون بها الأرض فيخرج الخير، ويكتفون بالفتات، ليأكل ويتمرمغ كل الخونة فى رفاهية شقاهم وتعبهم، ثم يقدمون لهم واجب الشكر والامتنان، عن طريق إعادة أبنائهم فى صناديق ونعوش الموت.
دندراوى الهوارى
فصيلة الدم (رجولة)..الحلم: احتضان الموت.. العنوان: جيش مصر
الجمعة، 18 ديسمبر 2015 12:00 م