جميعنا يعرف أن العالم يتطور أسرع مما نتوقع، وأن العلم لم يعد رفاهية، بل أصبح ضرورة ملحة، وأن الاقتصاد هو الذى يرفع أقواما ويذل آخرين، وأن مصر لا يجوز لها سوى الرفعة، وأن هذا هو ما أراده الله لها، وأن الثقافة تصنع الوعى، وأن الوعى المدرك هو ما يصنع التطور، وأن العالم يتطور أسرع مما نتوقع.. هذه هى دائرة الحياة السليمة التى لو تنبهنا لها سوف تنعكس علينا بالخير، ولو أهملناها فلن نحصد سوى التأخر والضياع.
والثقافة لا تعنى القراءة الأدبية أو الفنية أو التاريخية فقط، لكنها تعنى الأخذ من كل مناحى الحياة بنصيب، أقول هذا بمناسبة فوز مصر ممثلة فى المعهد المصرفى المصرى، بجائزة الدولة عن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للعام 2015، خلال الحفل الذى أقامته المنظمة الدولية لمالية الأطفال والشباب فى لندن لتكريم الدول التى بذلت جهوداً متميزة فى مجال التثقيف والتضمين المالى.
وكان المعهد المصرفى المصرى قد تبنى منذ عام 2012 تحت رعاية البنك المركزى المصرى مبادرة أطلق عليها «علشان بكرة»، التى تهدف إلى تثقيف جميع فئات المجتمع وتوعيتها مالياً ومساعدة المؤسسات المالية فى تطوير المنتجات والخدمات المالية التى تناسب الأطفال والشباب، ومن الفعاليات التى حدثت زيارات للبنوك والبورصة، دق جرس البورصة، زيارة متحف طلعت حرب ومتحف العملات، عمل مسابقات مالية.
هذه الفعاليات استطاعت أن تصل إلى 1.5 مليون طفل وشاب من جميع محافظات الجمهورية، وهو رقم معقول فى ثلاث سنوات، ولو استمر هذا المشروع وقامت مشروعات تثقيفية أخرى فسيصبح لدينا جيل جديد لا يخشى المصطلحات الاقتصادية بتعقيداتها وتداخلاتها، ولا يشيح ببصره عن النشرة الاقتصادية أو التحليلات المالية، وبالتالى سيصبح تفكيره اقتصاديا فلا يهدر الوقت، ولا يضيع الفرص، وسيعرف كيف تفكر الدول وقادتها، ويستطيع أن يختار بين الصواب والخطأ فى المعروض عليه، ويعرف من خلال فهمه الاقتصادى إلى أين تتجه دفة العالم، وسيترتب على ذلك قدرته على إقامة التحالفات العالمية مع القوى التى لها مستقبل اقتصادى.
وربما يكون ما حدث فى الجانب الاقتصادى فاتحة خير للقيام بعمليات تثقيف أخرى فى كل مناحى الفكر والحياة فى مصر، فتخضع السياسة والتجارة والصناعة والإعلام وغيرها من المجالات الأخرى لعمليات منظمة من التثقيف بالتركيز على الأطفال والشباب حتى يصبح لدينا فى ظل سنوات قليلة جيل قادر على قيادة شؤون الحياة والقفز بمصر للمنطقة الآمنة واختصار الزمن بخطوات واثقة مطمئنة.
لكن علينا أن نحدد أن الاستراتيجية اللازمة لإيجاد هذه الجيل الواعى لن تتحقق إلا بالتعاون الجاد مع وزارة التربية والتعليم، وربما التفكير فى إضافة مناهج تبسيطية للتلاميذ فى فترات التعليم الإعداى والثانوى وليس الانتظار حتى يصاب الشباب بصدمة التخصص فى الجامعات، فيتعرف على ألف باء العلوم.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة