منذ سنوات ظهر مذيعو فضائيات يقدمون برامج دينية ، كانوا يستضيفون شيوخا يقدمون لهم أسئلة الجمهور، ليجيبوا عليها . مع مرور الوقت استكبر المذيعون على دور الوسيط ، وفضل كل منهم ان يستغنى عن الضيف ويقدم بنفسه الفتاوى . بعضهم خصص لنفسه خطا ساخنا " زيرو تسعمية" ليجيب على أسئلة الجمهور بمقابل. نفس الأمر مع بعض الدعاة المشاهير من تجار الفتاوى ، ورأينا أشقائهم وابنائهم يفتحون محلات دعوة خاصة للفتوى فى كل مجال .
هو نفسه ما حدث فى الفتاوى السياسية، ورأينا عددا كبيرا من الإعلاميين والصحفيين طفوا على السطح ما بعد ثورة يناير أراد كل منهم ان يبعد عن نفسه شبهة " الفلولية" وبعضهم كان على علاقة بمبارك والحزب الوطنى ، فانطلقوا يبالغون فى تقديم نجوم المشهد ممن عينوا أنفسهم قيادات الثورة، وراينا الاعلاميين وقد تحولوا الى ثوار. توقفوا عن الاستعانة بالمتخصصين ليقدموا بانفسهم " مونودراما" توك شو عن الثورة والسياسة والاقتصاد والطب وكله .
جرى تبادل أدوار رأينا إعلاميين وإعلاميات اصبحوا هم انفسهم نشطاء وناشطات ، و خبراء فى كل التحخصصات سياسة واقتصاد وطب وثورة وفلول. وأصبح الإعلاميون نشطاء ، وانتقل النشطاء وأصبحوا إعلاميين .
وسقط الحائط الرابع بين الإعلامى والناشط، وتداخلت الأدوار، وتصور الإعلامى انه يفهم فى كل شيء وانه وكيل عام عن الشعب يفتى باسمه ويقدم نظريات نيابة عنه، ولم يكتف كل واحد بشغلته .
ربما لهذا نرى أكبر عدد من الصحفيين والإعلاميين ونجوم التوك شو رشحوا أنفسهم فى انتخابات النواب وكل منهم يقدم نفسه باعتباره قادرا على حل مشكلات البلاد والعباد ، ولديهم الحلول النهائية لكل القضايا.
كان هذا هو المأزق، ان أحد لايعمل فى مهنته، ويفضل دور الوكيل الرسمى، وهو ما يبدو فى العلاقة بين الرئيس وشباب الإعلاميين. ممن اصبحوا فى مرمى انتقادات المشتاقين، من جيلهم ومن القيادات الأخرى.
وكانت موقعة الفيوم أوضح تعبير عن أزمة " الوكلاء"، من يقوم بدور الوكيل الحصرى؟.قال الرئيس انه ليس له شلة، وقال هذا لشباب الإعلاميين، وسارع كل منهم ليعبر عن انه وحده الذى يعرف. ومن حيث ارادوا النفى اربكوا المشهد وارهقوا انفسهم فى محاولة البرهنة على انهم ليسوا مؤيدين، وانهم متميزين ، و معارضين . بل انهم وهم يمدحون أنفسهم هاجموا كل ماهو موجود من إعلام، باعتبار أنهم" الوكيل الرسمى".
القضية لا علاقة لها بالمعارضة او التأييد ، انما اختيار ان يبقى الواحد نفسه ويحتفظ بمسافة بين كونه إعلامى او صحفى يبحث عن معلومة ، وبين أن يظن انه يعرف اكثر . نفس الازمة التى انتابت البعض بعد يناير ، وتصور الاعلامى انه يمكن ان يكون ناشطا او سياسيا ، ومثل مذيع فتاوى الشيوخ الذى فضل ان يصبح شيخا . اللعبة تتكرر، طالما لايفرق الواحد بين شغلته ، كإعلامى وصحفى ، وبين دور سياسى لايعرف حدوده . القضية ليست استبدال إعلام بإعلام ، ونفاق باشتياق ، بل تقديم الخبراء فى الاقتصاد والعلم والطب ، وليس فقط فى الكلام .
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
سوسو
نعم شباب الاعلامين حان وقتهم
عدد الردود 0
بواسطة:
مصدر مسؤول
فى بلد " زى " و مجتمع " الأنصص" فأن متلازمه شيزوفرنيا حب الشهرة و الظهور تصبح وباء شعبى