محصن ضد الفساد ولم يدخل الوزارة للوجاهة
أن يزج البعض باسم كمال أبوعيطة فى قضية فساد، فهذا يعنى أن شيئا خطيرا يحدث
يمكنك أن تتحدث عن أن «أبوعيطة» وزير غير ناجح، وأنه ذهب إلى منصب الوزير بينما هو كقيمة أكبر منه بكثير، لكن لا يمكنك أن تتحدث عن أنه كان وزيرا فاسدا، طمع فى مال عام مثلا، ولا يمكنك أن تفكر فى أنه من صنف البشر الذين تزوغ أعينهم على جنيه موجود فى خزينة دولة، أو جنيه فى جيب أو خزينة شخص، بل هو ممن يسعون إلى زيادة رصيد مالنا العام، وزيادة الجنيه الذى فى جيبك بالحلال.
«أبوعيطة» شخص محصن ضد الفساد، لم يدخل وزيرا للقوى العاملة للوجاهة، وإنما ظنا منه ومنا أنه سيستكمل طريق الثورة التى ناضل من أجلها، ودخل المعتقلات انتظارا لها.
نعم حسبتنا وحسبته السياسية كانت خطأ، رغم اعتقادنا وقتها أن الاعتذار عن المنصب هو تخلٍ عن الوطن فى ظرف صعب، فالوقت كان يحتاج إلى حشد الجهود، وعلى هذه الأرضية كان النداء لـ«أبوعيطة»: «إقبل»، فقبل.
نعم لم نحسب أن «أبوعطية» كان الأجدر أن نبعده عن منصب الوزير، حتى يبقى فى الضمير العام أيقونة نضال، وآية من آيات العطاء الوطنى، فهذا فى التاريخ أبقى وأقدر وأنظف من المنصب الذى يكون بكل تعقيداته سبيلا للخدش، والقيل والقال، وفرصة للخصوم كى يغرسوا أنيابهم فى السير النظيفة.
«أبوعيطة» لم يجبره المنصب على تغيير عاداته، ظل هو كما هو، كنت تقابله وهو وزير فى طرقات المدينة وعلى المقاهى يجلس مع نفس ناسه، يتحدث معهم بنفس لغته التى شق بها طريقه إلى النضال ضد السادات وقت أن كان طالبا فى جامعة القاهرة مطلع سبعينيات القرن الماضى، واستمر فى نضاله طوال فترة حكم مبارك، فكان نصيبه 21 اعتقالا، وعشرات الاعتداءات من الأمن أثناء قيادته للمظاهرات بهتافاته المزلزلة.
كنت تقابله على المقاهى وحوله ناسه، يناقشهم، يستمع إلى أفكارهم، سجائره كما هى، ملابسه كما هى، مسكنه كما هو، ابناه خالد ومحمد كما هما يسعيان بالكد والجهد فى الدنيا من أجل اللقمة الحلال، لم يسع إلى توظيف أحد منهما فى وزارة زميلة أو شركة استثمارية، ولم يفعلها وقت نظام مبارك وكان بوسعه بإشارة منه، وبالتحديد حين قاد اعتصام الموظفين فى الضرائب العقارية لعدة أيام فى محيط مجلسى الشعب والوزراء، وشاهده المصريون وقتها مع وزير المالية الدكتور يوسف بطرس غالى، كان الوزير يتأبط ذراع المناضل والهوة كبيرة بينهما، خضعت الحكومة لإرادة الاعتصام بعد تفاوض كمال وزملائه، وأعطى الجميع نموذجا فى الاعتصام السلمى الذى يتدرج حتى يصل إلى درجة الضغط التى تحقق له مطلبه، كان بمقدوره وقتئذ أن يطلب من وزير المالية وظيفة لابنيه، وبالطبع كان غالى سينفذ فورا.
كمال لم يتجمل، لم يتزين، هو كما هو، وأنقل هنا شهادة واجبة كتبها الدكتور نور ندى أستاذ التنمية البشرية وخبيرها المرموق والمناضل الناصرى المعروف على صفحته على «فيس بوك»، يقول فى شهادته: عملت مع كمال أبوعيطة مدة وزارته للقوى العاملة والهجرة باقتناع كامل، بطهر وشرف وثورية وانتماء هذا الرجل للثورة والطبقات الاجتماعية المظلومة وفى المقدمة منها العمال والفلاحون، مخلص ومنتمٍ لفكره ومتسق معه فى كل تصرفاته، عملت معه كمستشار بدون أجر أو أى مزايا وبسيارتى الخاصة رغم طول ساعات العمل اليومية، وكان يتندر بقوله لى: «أنت بتعمل معى بالسخرة»، وكنت أرد عليه: «أنا أعمل من أجل مصر والمبادئ التى ناضلنا معا ومن أجلها طويلا»، وكانت وجبتنا الأساسية فى الوزارة الفول والطعمية حيث كنا نعمل ساعات طويلة فى ظل اعتصام رابعة وحالة أمنية غير مستقرة، كمال من أشرف وأطهر قيادات الحركة الوطنية المصرية والهجوم عليه منزلق خطير وعلامة استفهام ومنزلق خطير فى السياسة المصرية.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
زيكو
انه الأنتقام من ثورة يناير