«ليس فى الإمكان أفشل مما كان».. مقولة تنطبق على ما وصلت إليه الحالة العامة فى دولة كرة القدم فى المحروسة.
ربما عايشت الجماهير، على مدار قرابة الثلاثة عقود «كل ألوان» الفساد فى إدارة اللعبة، والتى تعانى هزلا عظيما، لم يكن يتوقع أحد أن يظل التطوير، والتطهير بعيدا عن الوصول إليها فى ظل تسليم راية الفساد من جيل لجيل!
كان يمكن أن يصبح الأمل على مقربة، حتى لو تم تطوير الفساد نفسه، حتى يصل إلى النسبة الدولية، أو أقل منها بقليل.. فلم يطلب أحد من مسؤولى كرة القدم أن يتحولوا فجأة إلى محترفين ملائكة.. بل كانت المطالب مشروعة جدًا.
تخيلوا أن من حكموا جمهورية كرة القدم كانوا قد اهتموا بتطوير الفساد، باعتباره منهجا، وباعتبارهم لا يستطيعون العيش بدونه.. والله لرأينا تقدما نحو الأفضل.. صدقونى.
الفساد على كل شكل ولون، يبدأ من المجاملة الصارخة جدا طبعا، مرورا بالإهمال الجسيم، ومعهما عدم تحمل المسؤولية، انتهاء بالفسدة الأصليين من إهدار المال العام، وضياع فرص تطوير وتطهير لعبة تعبنا من الصراخ لتعريفهم جدوى تحويلها لصناعة تخدم الناس، وسلعة ترفيهية تكسب المليارات، وتعين الاقتصاد، كما هو الحال فى أقل البلاد اهتماما بتطوير منظومة فسادها.
• يا سادة.. هل سمع، أو قرأ، أو شاهد أحدكم اتحاد كرة، لا يقدم أى جديد، ويكتفى فقط بأنه أنجز على الأرض عدة مشاريع يقول إنها ضخمة.
المشاريع الضخمة هى تطوير المناطق.. بإعادة طلائها، وتفخيم أساسها، وإدخال دائرة «كمبيوترية».. وربما شراء ثلاجة للبوفيه.
هناك أيضا الكلام عن إعداد ملف بداخله «رخص» لـ 16 ناديا أصبحوا محترفين بالفعل.. فى غمضة عين، وكأنهم يتحدثون عن «بابا نويل» الذى حضر وقدم هداياه، بمناسبة رأس السنة الكروية.
• يا سادة.. هل يعرف أحدكم اتحادًا للكرة.. يصمت فى مواجهة الخروج عليه والتهديد بالانسحاب، والتلويح بأنهم «مش لعبين».. بينما يبحث هو عن طريقة لإرضاء مهدديه، واسترضائهم.. بل يصل الأمر، إلى أن يعلن الأهلى أنه لن يتحرك بالأتوبيس إلا إذا تم تعيين ملعب مباراته مع الحدود فى ستاد آخر غير بتروسبورت.. حتى لو كان المطلب عادلًا، أو يمكن النظر فيه.
تحدث الكل.. إلا الاتحاد، الذى دائما ما يصحو متأخرا.
• يا سادة.. هل عرفتم اتحادا، يعمل نفسه مش واخد باله، بينما يحتج نادٍ على التحكيم، ويطالب باستبعاد حكام، حتى لو أن هناك «ظلالا» حول وجود مشاكل بين النادى وحكم هنا، أو آخر هناك.
المشكلة.. هى الصمت، وعدم القدرة على تسيير الأمور، أو حتى المواجهة، أو الرد ثأرا لهذا الكم من التعدى على سلطاته.
• يا سادة هل رأيتم ناديا مجلس إدارته ظل صامتا.. ويبدو أنه سيستمر على نفس المنوال، بعدما احتجزت فئة «ألتراسية» محسوبة على فريقه، قبل مباراة فى الدورى لمدة 3 ساعات ليلعب ويخسر، ولا يحرك أحد ساكنا، ولا يطالب بمعاقبة المتهمين، بل يجرى كل مسؤوليه بعيدا، منتظرين أن يأتى الحل، وطلب العقاب من أى طرف إلا حضراتهم.
فى بلاد أخرى.. كنا سنرى مواجهة سريعة، وطلب محاكمة من احتجز فريقك، أو قدم عملا مجرما، لكن كيف كان سيحدث هذا والأحداث قبلها فى صالة النادى وغيرها من سباب وتكسير، مرت مرور الكرام.
إنها الحالة المستمرة، والتى لا يمكن إلا أن تعترف بانتصارها، حيث العجز الكامل عن الإدارة المحترفة.
• يا سادة.. هل سبق وسمعتم عن لاعب أعطاه ناديه كل شىء وتركه صوب احتراف يفيده وحده فى الخليج، ثم يعود ويوقع على جواد أبيض لكن فجأة يتحول إلى «عتريس».. ويعرض فيلم «شىء من الخوف» فى الإسماعيلية، ليهدد مدربه بأنه إذا لم يكن موجودا فى التشكيل لمدة 90 دقيقة فى كل مباراة فالويل والثبور وعظائم الأمور فى انتظاره.
أليس هذا ما فعله حسنى عبد ربه فى مواجهة المدير الفنى ميدو.. عشية استبداله فى مباراة بتروجت.
فى بلاد أخرى.. يخرج رئيس النادى.. ويزعق زى الغول ويقول: هذا اللاعب معروض للبيع.. خاصة وأن يناير والميركاتو.. بتاعه على الأبواب.. وأنه لا عودة فى هذا القرار، إلا إذا لهث عبد ربه وراء الكل.. مدربه.. وإدارته وجماهيره طالبا منهم الرأفة، وليس السماح، فالرضا بالعقوبة هو بداية العمل الجيد.. إنما انظروا ما حدث، أعلن رئيس النادى تحويل اللاعب للتحقيق.. طيب فى إيه بالظبط!!
• يا سادة.. هل رأيتم لجنة حكام بالوكالة؟!
بلاها دى.. هل رأيتم رئيس لجنة يتركها فى وسط الموسم نحو عقد ثمين فى الإمارات.. لأ.. ومين هو حضرتك؟!
إنه عصام عبدالفتاح اللى هو فى نفس الوقت عضو مجلس إدارة بالاتحاد.. فهل سيظل عضوا بالاتحاد بالمراسلة؟! حتى دى لم يرد علينا أحد.
اللى مش غريب ولا حاجة إن عبدالفتاح نفسه، لم يفكر لحظة فى الاستقالة.. أى والله وكأنه حق مشروع فى البقاء ضمن مجلس إدارة اتحاد الكرة؟! وطظ فى الست لوائح واللى خلفوها؟!
• يا سادة.. يحدث هذا من أزمنة بعيدة، لكن فاض الكيل، فكل القضايا مؤجلة منذ كارثة ستاد بورسعيد.. وحرق الاتحاد، وكارثة الدفاع؟!
تخيلوا، لم يقدم أحد للمحاكمة، الأكثر خيبة أن الاتحاد لم يتهم أحدا برضه، إنما الهم الأكبر هو البقاء، ودونه الغالى والنفيس!
كل ما أصبحنا نحلم به هو أن يتم تطوير منظومة الفساد.. فعلى الأقل، عند الاستعانة بالمحاسيب يمكن أن يكونوا من الحاصلين على مقبول، أو ساقط بمادتين؟! فى مواجهة ناجح بدرجة جيد؟! لأنه من غير المعقول أن يتم التجاوز عن جيد مقابل الراسب!
أقول لكم الأفضل عينوا الاتنين.. هو حد هايحاسبكم؟!
مثلا هاتوا للحكام سماعات، وكريم حلاقة لتحديد الـ 15 ياردة.. وقتها يمكن الناس تاكلها.. اللى هى المجاملة شوية.. حتى لو السماعات عطلانة.. شكلا.. بس حتى؟!
• يا سادة.. لن نقول إنه التحذير الأخير.. لأنه حصل بالفعل مرات، ومرات.. إنما احذروا انهيار دولة كرة القدم؟!
تخيلوا.. 20 سنة وأكثر فسادًا كرويًا دون مواجهة.. بينما فى شهور تمت مواجهة فساد بلاتر وبلاتينى من فاسدين برضه.. لكنهم على الأقل طوروا منظومة فسادهم؟!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة