نقلا عن العدد اليومى...
أثارت فتاوى الدكتور محمد شوقى علام، مفتى الديار المصرية، العديد من الجدل لما تحمله من مواجهات للموروثات الهدامة من جهة، والحداثة المتطرفة من جهة أخرى، وهو ما جعله فى موقف وسطى يستند إلى صحيح الدين وسماحته.
وفى حوار «اليوم السابع» مع فضيلة المفتى تحدث مفتى الديار عن دور العلماء فى مواجهة المسيئين للدين من خلال ثوب التطرف، وكشف عن أول مرصد لتصحيح صورة الإسلام ومواجهة الأفكار الهدامة، كما تعرض حوارنا مع فضيلة المرشد لموضوعات عن موروثات إيجابية وصمها التطرف بأنها بدع، وأجازها فضيلته بعقلانية وعلم، ومنها الاحتفال بالمولد النبوى، وواجه تفسيرات وفتاوى تحلل محرمات بنفس العقلانية والمنطق، ومنها فتاوى تحليل شرب الخمر.. وقضايا كثيرة تعرض لها فضيلة المفتى محمد شوقى علام فى حواره مع «اليوم السابع».
العالم يعانى من داعش والذى يستخدم الدين لتبرير أفعاله ويسىء للإسلام.. وقد اتخذتم عدة إجراءات وقائية لتحصين الشباب وإنشاء مرصد لتوضيح صورة الإسلام.. ما الجديد الذى تضيفونه فى هذا الإطار؟
- أنشأنا فى دار الإفتاء المصرية أول مرصد متخصص فى مصر والشرق الأوسط للرد على الأفكار والفتاوى التكفيرية التى توظفها الجماعات الإرهابية فى تبرير أفعالها وجرائمها، وكان ذلك فى يناير عام 2014 أى منذ عامين تقريًبا، حيث يقوم المرصد بتفنيد تلك الفتاوى والأقاويل الشاذة، وقد أصدر المرصد حتى الآن عشرات الدراسات المتخصصة فى تفنيد وتفكيك مقولات الإرهاب وممارساته الإجرامية.
وقد قام العمل فى المرصد على استراتيجية تعتمد على أمرين، الأول تمثل فى الإسهام الفاعل فى بث مزيد من الوعى العام لدى جماهير الأمة بفتاوى بالتكفير، والثانى تمثل فى العمل الدؤوب على تصحيح المفاهيم الفاسدة والرد على الفتاوى الشاذة والتكفيرية التى تدفقت أخيرا كالطوفان، وهى غريبة على مجتمعاتنا وعلى روح الإسلام الوسطى الذى اتخذه الأزهر منهاجًا له.
كما تنوعنا فى جهودنا، حيث أصدرنا فى دار الإفتاء موسوعة تضم حوالى ألف فتوى، تمت ترجمتها إلى اللغة الإنجليزية، والفرنسية، والألمانية، معظمها وردت من دول غربية، وتجيب عن كل ما يدور فى أذهان المسلمين فى الغرب حول مختلف المسائل، وخاصة الشبهات التى تعتمد عليها داعش وغيرها من الجماعات المتطرفة.
ولم نغفل كذلك الفضاء الإلكترونى الذى أصبح سلاحًا خطيرًا من أسلحة داعش لجذب الشباب، فقمنا بإنشاء موقع دار الإفتاء بعشر لغات، بالإضافة إلى إنشاء عدد من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعى، مثل صفحة «داعش تحت المجهر» وغيرها، فضلًا عن إنشاء مجلة إلكترونية باللغة الإنجليزية، باسم «Insight»، والتى ترد على المجلة التى تصدرها «داعش»، وأخرى باللغة العربية باسم «إرهابيون».
نحتفل فى تلك الأيام بميلاد سيد الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ويتجدد الخلاف بين مجيز ومحرم لإحياء ذكرى ميلاده.. فما الحكم الشرعى الذى تميلون له فى الاحتفال بالمولد النبوى؟
- الاحتفال بذكرى مولد سيد الكونَين وخاتم الأنبياء والمرسلين نبى الرحمة وغوث الأمة سيدنا محمد، صلى الله عليه وآله وسلم، جائز شرعًا، بل هو من أفضل الأعمال وأعظم القربات؛ لأنها تعبير عن الفرح والحب للنبى، صلى الله عليه وآله وسلم، ومحبة النبى، صلى الله عليه وآله وسلم، أصل من أصول الإيمان، وقد صح عنه أنه، صلى الله عليه وآله وسلم، قال: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» رواه البخارى.
والنبى، صلى الله عليه وآله وسلم، نفسه كان يحتفل بميلاده الشريف، وسن لنا بنفسه الشريفة الشكرَ لله تعالى على ميلاده الشريف، فقد صحَّ عنه أنه كان يصوم يوم الاثنين ويقول: «ذلك يومٌ ولدتُ فيه»، رواه مسلم من حديث أبى قتادة رضى الله عنه، فهو شكر منه عليه الصلاة والسلام على منة الله تعالى عليه وعلى الأمة بذاته الشريفة.
وجماهير العلماء سلفًا وخلفًا منذ القرن الرابع الهجرى أجمعوا على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوى الشريف، بل ألف فى استحباب ذلك جماعةٌ من العلماء والفقهاء، وبَيَّنوا بالأدلة الصحيحة استحباب هذا العمل، بحيث لا يبقى لمن له عقل وفهم وفكر سليم إنكار ما سلكه سلفنا الصالح من الاحتفال بذكرى المولد النبوى الشريف، وكانوا يقومون بإحياء ليلة المولد بشتى أنواع القربات، من إطعام الطعام، وتلاوة القرآن، والأذكار، وإنشاد الأشعار والمدائح فى رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، كما نص على ذلك غيرُ واحد من المؤرخين مثل الحافظَين ابن الجوزى وابن كثير، والحافظ ابن دِحية الأندلسى، والحافظ ابن حجر، وخاتمة الحفاظ جلال الدين السيوطى رحمهم الله تعالى.
فضيلة المفتى.. خرج علينا مؤخرًا البعض مما يرتدون عمامة الأزهر وأفتوا بأن الخمر حلال.. فما رأى الدين وماذا نقول لمن يعتقد هذا؟
- شرب الخمر وبيعه وشراؤه وتقديمه للناس محرم قطعًا، وهو أمر ثابت بالقرآن والسنة، ومن المعلوم من الدين بالضرورة.
وذلك ثابت بالكتاب والسنة، أما الكتاب فقول الله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون، إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء فى الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون».
وأما السنة فقوله عليه الصلاة والسلام، وروى عبدالله بن عمر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال «لعن الله الخمر وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه»، رواه أبو داود.
وغير ذلك من الأحاديث الكثيرة الواردة فى تحريم الخمر، وهنا يجب أن نحذر.. أنه ليس كل من ارتدى عمامة الأزهر الشريف مؤهل للإفتاء.. لأن الإفتاء يحتاج إلى مهارات خاصة يتم التدرب عليها، لذا أطالب المسلمين جميعًا بعدم الالتفات لغير المختصين واللجوء إلى أهل العلم المؤهلين للفتوى.
صرحتم من قبل أنكم بصدد إطلاق قمر صناعى لرؤية الأهلة.. ما الجديد فى هذا الأمر، ومتى يطلق هذا القمر، وأين يصنع ومن يتكفل به؟
- عقدنا عدة اجتماعات لبحث مشروع إطلاق القمر الصناعى الإسلامى، وتم بالفعل اتخاذ خطوات ملموسة لإطلاقه نسأل الله أن يكون قريبًا. وسيكون بمثابة مرصد جوى لتحديد بدايات أوائل الشهور القمرية لجميع الدول الإسلامية، مما يسهم بشكل كبير فى اختفاء الخلافات المتعلقة بالرؤية الشرعية لرصد الهلال، خاصة فى رمضان وشوال وذى الحجة.
وسيعمل القمر الصناعى الإسلامى كذلك على رصد الهلال فى سماء العالم الإسلامى على وجه الدقة، وتنتفى بذلك احتمالات الشك فى الرؤية، وتتوحد أيام المواسم والأعياد الإسلامية فيما بينهم.
أنشأتم مؤخرًا الأمانة العامة لدور الإفتاء فى العالم الإسلامى.. ما الهدف وما النتائج المتوقعة؟
- إنشاء الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم يمثل عودة للريادة الإفتائية لمصر وإجماعا عالميًا للدور الكبير الذى تقوم به دار الإفتاء المصرية فى الداخل والخارج فى تقديم خطاب إفتائى رصين متصل بالأصل ومرتبط بالعصر.
وتهدف تلك الأمانة كما قررنا فى اللائحة التنفيذية لها إلى التنسيق بين دور الإفتاء لبناء منظومة إفتائية وسطية علمية منهجية، تعمل على بناء استراتيجيات مشتركة بين دور وهيئات الإفتاء الأعضاء لطرح خطاب إفتائى علمى متصل بالأصل ومرتبط بالعصر؛ لمواجهة التطرف فى الفتوى.
كما تهدف كذلك إلى التبادل المستمر للخبرات بين دور وهيئات الإفتاء أعضاء الأمانة، وتقديم الاستشارات الإفتائية لمؤسسات الإفتاء والمفتين حول العالم، وأيضًا تقديم الدعم العلمى للدول والأقليات الإسلامية لإنشاء دور إفتاء محلية فى هذه الدول.
وضمن مهام الأمانة أيضًا وضع معايير لوظيفة الإفتاء وكيفية إصدار الفتاوى مما يسهم فى ضبط الإفتاء، وتعزيز التعاون المثمر بين دور وهيئات الإفتاء فى العالم بالوسائل الممكنة، وبناء الكفاءات الإفتائية وتأهيلهم من خلال تراكم للخبرات المتنوعة للدول الأعضاء.
انتشر التطرف فى العالم ما أسبابه، وكيف نحصن شبابنا منه؟
- هناك عوامل كثيرة أدت إلى انتشار مثل هذه الأفكار المتطرفة خاصة بين الشباب، ولكنها مجموعة مركبة من الأسباب، لذا نحن فى حاجة شديدة لدراسة مستفيضة لأسباب انتشار ظاهرة التطرف والانضمام إلى الجماعات الإرهابية بين الشباب العربى وكذلك الأوروبى؛ حتى يمكننا التعامل معها بشكل منهجى وعلمى.
ومعالجة التطرف تحتاج إلى السير بالتوازى فى مرحلتين، الأولى وقائية لحماية الشباب وغيرهم من تلك الأفكار المتشددة وتفكيكها والتى تؤدى بهم إلى الانضمام لداعش، ومرحلة علاجية لهؤلاء الشباب الذين عادوا من براثن داعش من أجل احتوائهم وتصحيح فكرهم.
هل يخاطب مرصد الإفتاء الداخل أم الخارج، إذا كان يخاطب الخارج فكيف يصل إليهم، وهل يصل فعلًا للشباب أم لا؟
- المرصد يخاطب الداخل والخارج، لأن مشكلة التطرف والإرهاب لا حدود له ولا وطن، لذا فرسالتنا موجهة للداخل والخارج.
أما عن كيفية الوصول للخارج، فيتم ذلك بعدة طرق وآليات مختلفة، منها إطلاق صفحة إلكترونية بعنوان «داعش تحت المجهر» باللغتين العربية والإنجليزية لتصحيح المفاهيم الخاطئة التى تسوقها التنظيمات الإرهابية، وإطلاق مجلة إلكترونية «بصيرة» باللغتين العربية والإنجليزية لنشر الإسلام الوسطى المعتدل، وترجمة أكثر من 1000 فتوى باللغتين الإنجليزية والفرنسية نسبة كبيرة، منها متعلقة بتفنيد مزاعم التيارات المتطرفة وما تسوقه من مفاهيم وتصدره من فتاوى مغلوطة، وكذلك إصدار موسوعة لمعالجة قضايا التطرف والتكفير باللغات الأجنبية.
كما دشنت الدار حملة لنشر الوعى الصحيح، من خلال تحرك كبار علماء الدار إلى مختلف المناطق والدول التى تعانى من تلك الأفكار وهذه الجماعات، سواء فى داخل مصر أو خارجها فى أوروبا وأمريكا وغرب أفريقيا وآسيا، وقد حققت الدار النتائج المرجوة من تلك الجولات والرحلات الخارجية، والتى أسهمت أيضا فى تصحيح الكثير من صورة الإسلام بالخارج، وإزالة الصورة السلبية التى لحقت بالإسلام والمسلمين، نتيجة ممارسات إجرامية لجماعات العنف والإرهاب، والتى ترفع شعار «الإسلام» غطاءً وستارًا.
وتم عرض تلك الجهود فى عدد من المحافل الدولية، منها قمة مكافحة التطرف بالأمم المتحدة، وكذلك فى البرلمان الأوروبى، بالإضافة إلى إلقاء عدد من المحاضرات فى كبرى الجامعات والمراكز الإسلامية فى أوروبا والولايات المتحدة.
من له حق الإفتاء؟ ولماذا لا يكون هناك قانون يجرم من يفتى بدون وجه حق أو تخصص، وهل لديكم قانون ستتقدمون به إلى مجلس النواب المقبل، وإذا كان هناك قانون فما هى أبرز بنوده؟
- نحن لسنا جهة تشريع، ولكننا مع أى إجراءات لمواجهة فوضى الإفتاء، وفى مقدمتها إعداد قانون يجرم الفتاوى التى يطلقها غير المختصين، استنادًا إلى الأفكار المنحرفة، التى تحاول نشر العنف والتطرف والإرهاب.
وإلى أن يصدر القانون نحن فى دار الإفتاء وضعنا عدة آليات نتبعها لمواجهة فوضى الفتاوى؛ وذلك يتم عن طريق إجراءين أحدهما وقائى يتمثل فى نشر الوعى بمفاهيم الإفتاء الصحيحة، وحث الناس على ألا يسألوا غير المتخصص، والآخر إصلاحى حيث يتم نشر تصحيح للفتاوى المغلوطة.
من المسؤول عن انتشار الفتاوى الشاذة والمغالطات فى الدين؟
- المسؤول عن ذلك تصدر غير المختصين للفتوى، مما يحدث بلبلة فى المجتمع، وكذلك هناك دور على وسائل الإعلام وهو استضافتهم لغير المختصين وهو ما يعطى لهم نوعا من الشهرة والانتشار وسط الناس الذين قد يغترون بمظهرهم، ويتبعون فتاواهم الشاذة والمنحرفة.
لذا أناشد وسائل الإعلام بالتدقيق فيمن يستضيفونه عند الحديث عن الفتوى، ونحن فى دار الإفتاء على أتم استعداد للتعاون مع وسائل الإعلام لنشر ثقافة الاستفتاء الصحيحة والإجابة عن تساؤلات المسلمين.
يقولون إن الشعب المصرى متدين بطبعه لكن هناك انفلاتاً أخلاقياً وصل لحد الإلحاد، فأين دور دار الإفتاء من تقويم السلوك وخاصة مع الشباب الملحد؟
- الانفلات الأخلاقى هو ظاهرة تظهر وتختفى من آن لآخر.. والشعب المصرى هو بالفعل متدين بطبعه، وقد ظهر ذلك فى كثير من الأوقات وعند الشدة، مثلما حدث عقب ثورة 25 يناير، حيث تسارع الشباب فى فعل الخيرات والقيام بحملات للتنظيف والتجميل وغيرها.
لكن مع ذلك من حين لآخر تظهر سلوكيات سيئة ودخيلة على المجتمع المصرى، ويجب أن تتضافر الجهود ما بين الأسرة والمؤسسات التعليمية والتربوية والتثقيفية لمواجهة تلك الظواهر ومعالجتها من جذورها.
أما عن ظاهرة الإلحاد فهى تحتاج إلى علاج عن طريق مواجهة الفكر بمثله لإزالة الشبهات، وأبواب دار الإفتاء مفتوحة لتلقى أى سؤال والإجابة عن جميع الشبهات التى قد تدور فى أذهان الشباب حول قضية الإلحاد، وقد قمنا فى دار الإفتاء بوضع برنامج سيظهر قريبًا للإسهام فى مواجهة الإلحاد.
موضوعات متعلقة:
- مفتى الجمهورية مهنئا الأمة بذكرى المولد: المتطرفون يرتكبون جرائم نكرة بحق النبى
عدد الردود 0
بواسطة:
نجيب
؟؟؟؟؟؟؟
عدد الردود 0
بواسطة:
عمر
بارك الله فيك يا مولانا
بارك الله فيكم
عدد الردود 0
بواسطة:
أزهري
من أزهرنا نتعلم كيف يكون الاحترام
هكذا هم علماؤنا متواضعيين
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود
انتشار الفتاوى الشاذة ومحاربتها
عدد الردود 0
بواسطة:
يوسف
عبير يفوح من أفواه علماؤنا بارك الله فيهم
بارك الله فيكم جزاكم عنا كل خير
عدد الردود 0
بواسطة:
تهاني
نرجو من الله ان يوفقكم الي ما يحب ويرضي
اللهم آمين
عدد الردود 0
بواسطة:
غمري
نحن في سنوات خداعة
سنوات لانعلم الصادق من الامين اللهم سترك
عدد الردود 0
بواسطة:
يوسف
شيخنا بارك الله فيك
اللهم أعز الإسلام والمسلمين بشيوخنا الكرام
عدد الردود 0
بواسطة:
سيد
التطرف ومحاربته
عدد الردود 0
بواسطة:
عوني
التحريم اصبح أسهل من التحليل
مع ان الاصل الحل وليس التحريم