ماذا تريد قيادات الأحزاب التى أعلنت انسحابها أو عداءها لتحالف «دعم مصر»؟ هل تريده برلمانًا مفتتًا كل نائب فى ناحية؟ هل تريد أن تتعطل مشروعات القوانين وجوهر قيمة الرقابة على أداء الحكومة؟ أم تريد أن تسود حالة «نائب الخدمات الذى يحمل مجموعة من الطلبات والأوراق التى تحتاج إمضاءات ويهرع ناحية الوزراء ليتحكم الوزراء والحكومة فى البرلمان، ماداموا يقدمون الترضيات للنواب؟!
هل غفل نواب الأحزاب صاحبة الصوت العالى الآن عن طبيعة المرحلة التى نمر بها الآن مرحلة لم يتحقق فيها الاستقرار بشكل كامل، مرحلة تواجه فيها البلاد عداءات خارجية وحروبًا بالوكالة وأعمال إرهاب وتخريب تقودها أجهزة دولية وخططًا معلنة لتركيعنا ومنعنا حتى من النهوض اقتصاديا واستعادة عافيتنا سياسيًا، ناهيك عن استعادة دورنا فى المنطقة.
وهل نسى النواب «الدوشجية» وقيادات الأحزاب، الذين هبطت عليهم عباءة الفروسية والثورية فجأة من السماء، أن برلمانًا مفتتًا بلا كتلة غالبة ذات توجه وطنى، هو أخطر على البلد من الإرهاب، لأنه إما أن يكون عقبة فى طريق القرارات الوطنية ومشروعات القوانين الملحة أو أن يعرضنا جميعا للعودة للنقطة صفر بأن يجلب الحل على نفسه وينقص مؤسسات الدولة التى اكتملت بعد جهد جهيد وبميزانيات ضخمة؟!
هناك شىء غير مفهوم وراء تحركات قيادات أحزاب مثل الوفد ومستقبل وطن والمصريين الأحرار بالهجوم العنيف على ائتلاف «دعم مصر»، ووصفه بأنه يريد هدم الدولة وتفكيكها.. إلخ، فهذه الأحزاب لن تستطيع أى منها تشكيل كتلة وطنية موحدة، ولن تستطيع الائتلاف فيما بينها ومعها مجموعة من الأحزاب الفائزة بعدد مقاعد قليل لتكوين كتلة حزبية معتبرة، بل إنها تعرض نفسها للانقسامات والانشقاقات لأن العديد من النواب المنتسبين إليها غير راضين عن التوجه بالانسحاب من «دعم مصر»، والهجوم الكاسح على سامح سيف اليزل، فما هو الموضوع إذن؟!
التفسير الوحيد المنطقى لما يحدث الآن، أن هناك أيادى غير وطنية تعبث فى البرلمان، نعم لا تستبعدوا ذلك، فالبرلمان الذى يعنى اكتمال مؤسسات الدولة، ويعطى للبلد مصداقيته وثقله أمام الهيئات والمؤسسات الخارجية.
ويقر الاتفاقات الدولية، مستهدف إما بالفوضى والاستقطاب أو مستهدف بالحل، وفى الحالتين إضعاف للبلد، ووضعها تحت ضغط ودفعها لمزيد من الانكفاء على أوضاعها الداخلية.
البيان الأخير الذى أصدره ائتلاف «دعم مصر»، ويعلن فيه أن الائتلاف ليس قيدًا على المستقلين أو أعضاء الأحزاب الموقعين على وثيقته، وأن الانضمام إليه لا يعنى التجرد من الهوية الحزبية، وأن البرلمان يواجه تحديات كبيرة، منها أنه يبدأ بدون لائحة داخلية، وأن هناك قوانين عديدة، إذا لم يتوافر لها نسبة الثلثين لتمريرها ستنذر بأزمة دستورية قد تنتهى بحل البرلمان، يكشف بوضوح الطريقة والتوقيت السيئ لانسحاب عدد من الأحزاب من الائتلاف، كما يكشف عدم تمتع هؤلاء القيادات، لا بالإدراك الصحيح لإدارة الاختلاف والخلاف مع «دعم مصر»، ولا بالمسؤولية الوطنية وما تفرضه من تنازلات مرحلية لصالح مستقبل البلد وليس لصالح الأشخاص!!
إجمالًا، ورغم أن انسحابات الأحزاب المشاغبة من «دعم مصر»، لن يؤثر على الائتلاف الذى يخطى بدعم عدد كبير من النواب المستقلين الذين يمثلون الأغلبية الحقيقية داخل مجلس النواب، إلا أننا نتمنى لهم الإفاقة السريعة من الغيبوبة التى دخلوها، والعودة مرة أخرى، إلى الاصطفاف الوطنى حتى نباهى بمجلس النواب وبالأحزاب.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة