لا أعتقد أن على كوكبنا الآن من هو أكثر زهوا وفخرا بنفسه، وبمملكته الصغيرة التى يحاربها الجميع، تحالف دولى يضم ستين دولة بقيادة القوة العسكرية الأكبر فى العالم الولايات المتحدة، وتحالف روسى سورى عراقى إيرانى كلهم اجتمعوا على "داعش"، ومازال خليفة الدواعش يقف منتصرا، وكأنه يقول هل من مزيد؟!
وسط كل تلك التحالفات والقوى العسكرية الدولية المتصارعة فى المنطقة يطل على المشهد المرتبك للشرق الأوسط إعلان السعودية عن التحالف العسكرى الإسلامى للحرب ضد الإرهاب ليثير بذلك عدة تساؤلات حول ماذا يمكن أن يضيفه التحالف إلى المعادلة الدولية فى الحرب على الإرهاب مع العلم أن الكثير من دول التحالف الإسلامى أعضاء مؤثرين فى التحالف الدولى بقيادة الولايات المتحدة وعلى رأسهم السعودية، إذا ماذا يمكن أن يقدمه التحالف الجديد فى الحرب ضد الارهاب وما الدور الذى تهدف المملكة القيام به من تزعم هذا التحالف.
أولا: ما هى مهام التحالف؟ ومن أعضاؤه وما المتوقع أن يقدموه إلى التحالف؟
جاء الإعلان عن تحالف عسكرى إسلامى يضم 34 دولة عبر وزير الدفاع السعودى محمد بن سلمان قائلا إن هذا التحالف العسكرى الإسلامى لمكافحة الإرهاب هو لمحاربة جميع المنظمات الإرهابية وليس داعش فقط وأضاف: بخصوص العمليات فى سوريا والعراق لا نستبعد القيام بهذه العمليات إلا بالتنسيق مع الشرعية فى ذلك المكان ومع المجتمع الدولى، بالإضافة إلى تصريحات وزير الخارجية السعودى عادل الجبير التى قال فيها: "إن الدول الأعضاء فى التحالف العسكرى الإسلامى ستتبادل المعلومات وتقدم معدات وتدريبات وستنشر قوات إذا لزم الأمر".
تصريحات وزيرى الدفاع والخارجية السعوديان تطرح عدة تساؤلات حول بعض النقاط الشائكة فى طبيعة العلاقات بين الدول أعضاء التحالف الجديد، وقدرته على تحقيق ما فشل فيه التحالف الدولى.
ثانيا: ما هى التنظيمات الإرهابية التى يقصدها وزير الدفاع السعودى وفقا لرؤية المملكة قائدة التحالف خاصة مع إعلان السعودية عن انضمام لبنان للتحالف؟ وهو ما أثار عاصفة من الخلافات داخل لبنان حيث رفض مسؤلون لبنانيون هذا التحالف حسب ما جاء فى تصريحات وزير العمل اللبنانى سجعان قزى التى قال فيها "الحكومة لم تتخذ قرار المشاركة، فلبنان ليس دولة إسلامية ولا مسيحية لكى ينضم إلى حلف إسلامى أو مسيحى.. لقد تأكدت أننا لسنا عضوا فى هذا الحلف، وحتى سفارتنا فى السعودية ليست على علم بذلك، فهناك ألف حلف وحلف ضد داعش ، وداعش تقوى فالمطلوب حلف واحد جدى وفعال.
بينما من جهته، قال رئيس الوزراء اللبنانى الأسبق سعد الحريرى، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء اللبنانية: إن الإعلان الذى أصدرته 35 دولة إسلامية من المملكة العربية السعودية، هو خطوة تاريخية فى الطريق الصحيح، للتعامل مع معضلة سياسية وأمنية وفكرية، باتت تشكل عبئا خطيرا على صورة الإسلام الحضارية والإنسانية.
الخلاف الداخلى اللبنانى حول الانضمام للتحالف من عدمه يضاف إلى ذلك موقف السعودية التى تصنف حزب الله كمنظمة إرهابية يطرح تساؤل حول امكانية تصنيف التحالف الإسلامى أيضا لحزب الله على نهج وجهة النظر السعودية ، كل تلك تعقيدات تزيد من احتمالية خروج لبنان من التحالف خاصة بعد إعلان حزب الله رفضه انضمام لبنان للتحالف.
ثالثا: موقف التحالف الإسلامى المعادى لروسيا وإن لم يعلن ذلك صراحة ولكن السعودية استثنت من تحالفها العسكرى الإسلامى الدول الإسلامية المشاركة مع روسيا فى دعم بشار الأسد –إيران والعراق- بالرغم من تأكيدات "الجبير" أن التحالف ليس طائفى سنى ولكن واقع الأمر ينفى تصريحاته ، وقد يدفع هذا الاستثناء إلى معارضة روسيا أو على أقل تقدير فرض شروط تحمى وجود "الأسد" -بما يخالف النهج السعودى المعلن- فى حال إذا قرر التحالف الإسلامى التدخل فى سوريا.
رابعًا: تصريحات محمد بن سلمان التى أكد فيها أن التدخل فى سوريا يحتاج إلى تنسيق مع السلطة الشرعية والمجتمع الدولى ، تطرح تساؤل جديد من هى السلطة الشرعية من وجهة النظر السعودية؟ خاصة مع وضوح موقف المملكة الرافض لوجود بشار الأسد إذا مع من سينسق التحالف إذا قرر التدخل فى سوريا لمحاربة داعش.
خامسا: الشق الثانى من تصريحات محمد بن سلمان المتعلقة بالتنسيق مع المجتمع الدولى فى حال التدخل فى سوريا يأتى بنا إلى التساؤل من جديد أى الأطراف يقصد بالمجتمع الدولى هل تحالف أمريكا أم تحالف روسيا هلى سيتم التنسيق مع تحالف يضم إيران العدو الأكبر للسعودية بالمنطقة وهل ستسجيب روسيا للتعاون مع التحالف الإسلامى بالرغم من التباين فى الموقف السعودى الروسى من الرئيس الأسد.
أما السيناريو المرجح أن تكتفى السعودية والتحالف الاسلامى بالتنسيق مع التحالف الدولى بقيادة الولايات المتحدة ومن الجدير بالذكر هنا العودة إلى تصريحات جون كيرى وزير خارجية أمريكا فى مطلع الشهر الجارى حول الحرب على داعش التى قال فيها "من دون امكانية تشكيل قوات برية جاهزة لمواجهة داعش فلا يمكن كسب هذا النزاع بشكل كامل بالضربات الجوية فقط" مقترحا نشر قوات عربية وسورية لهذا الغرض، لذلك قد يكون الاعلان عن إنشاء التحالف الإسلامى بقيادة السعودية هو الخطوة الأولى لتنفيذ سيناريو دخول قوات عربية إسلامية إلى سوريا لقتال داعش بدعم سعودى خاصة مع رفض الولايات المتحدة التورط فى قتال برى بسوريا ، لتتورط بذلك السعودية فى حرب مفتوحة على جبهتين الحوثيين فى اليمن وداعش فى سوريا.
سهيلة فوزى
هل ينجح التحالف الإسلامى فى تحقيق ما فشل فيه نظيره "الدولى"؟
الأربعاء، 23 ديسمبر 2015 05:35 م
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
ابو الفضل
السعوديه تتحالف مع دول اسلأميه لها ثقلها.