هل نحن ضحايا الابتزاز العاطفى أم أننا شركاء فيه؟ هل هذا النوع من الابتزاز خاص بالعلاقات الشخصية والعاطفية أم أن المجتمع يمارسه بتنويعات مختلفة، فالشعب لا يتوقف عن جلد الآخرين ولا يفعل ما يغير به الواقع وليس لديه استعداد للتغيير، وعندما نصل إلى أن أى بلد آخر هو أفضل من هذا البلد أليس هذا التحقير نوعا من الابتزاز؟ وعندما نقوم بابتزاز أنفسنا حيث الهبوط الاختيارى لمؤشر الثقة الذى يجعلنا لا نرى إلا ما هو سلبى أليس هذا ابتزازًا؟
العلم يقسم الشخصيات التى تمارس الابتزاز إلى ثلاثة أنواع: الشخصية النرجسية، وهى شخصية لا ترى سوى نفسها واحتياجاتها فقط، وتنتظر من الآخرين العطاء الدائم والاحترام المستمر، وتوجد هذه الشخصية فى الرجال أكثر منها فى النساء، والنوع الثانى هو الشخصية الاستعراضية وهى تتفانى فى تقديم الخدمات للآخرين، ولكن بشكل تسويقى حيث إنها تبحث عن الوجود فى عيون وثناء الآخرين، وهى لا تكف عن الضجيج المبالغ فيه بكل أشكاله وتريد أن يعلم الآخرون أنها نموذج للعطاء والإيثار وهى شخصية جوفاء وتوجد فى النساء أكثر من الرجال، والنوع الثالث الشخصية الحدية وهى شخصية ليست لديها منطقة صلبة داخلية وشديدة الهشاشة ورغباتها الأعلى صوتًا، وفى العلاقات العاطفية يتألق الابتزاز وتكثر الضحايا، فالمبتز يلعب على إحساس الضحية بالذنب أو بالمسؤولية، وهى مشاعر تبقى العلاقات والبيوت فى منتصف الطريق، حيث عدم القدرة على الاستمرار وعدم القدرة على إعلان كلمة النهاية.
العلم يصف الابتزاز العاطفى بأنه أحد أشكال التلاعب النفسى ويحدث من خلال استخدام منظومة من التهديدات وأنواع مختلفة من العقاب يوقعها شخص ما على آخر قريب منه فى محاولة للسيطرة على سلوكه ومنعه اتخاذ إجراء أو سلوك يرغبه، ويعتبر الابتزاز العاطفى نوعًا من ممارسات العنف النفسى، وهو أسوأ بكثير من العنف الجسدى كالضرب وما شابه لأنه يترك أثرا قويا فى وجدان الطرف الضحية، ويؤكد العلم أن هناك بعض الناس يستمتعون بالخضوع للابتزاز العاطفى، ويعتبرون أن من التضحية أن يمتنعوا عن ممارسة ما يحبونه لكى يحافظ على مشاعر من يحبونه، وهؤلاء الناس يسيئون أساسا لفكرة التضحية النبيلة بعجزهم وبخضوعهم للقيود التى يفرضها عليهم أشخاص مقربون لهم. وبدلا من الاستمتاع بحريتهم وتقديم تضحيات حرة ومسؤولة، تصبح كلمة التضحية مجرد علاقة يعلقون عليها خوفهم وضعف شخصيتهم وخضوعهم للابتزاز العاطفى.
والابتزاز العاطفى إذا دخل بين الأزواج فهو قادر على أن يضعف الحب بالتدريج، بل ويقتله، وإذا دخل بين الآباء والأبناء يزداد التمرد والصراع بالتدريج، ويظن البعض أنه شىء يجعلنا نشعر بمن حولنا ونتعاطف معهم ودليل على الحب.. وهذا خطأ كبير، فالابتزاز يأكل طاقة الحب بين الناس، لأنه قائم على الإجبار وليس الحرية، وهناك قاعدة فى الابتزاز فى غاية الأهمية تقول: إذا استجبت للابتزاز فانتظر الأكثر، والحل أن نتعلم أن نقول كلمة لا، هذه الكلمة السحرية تحتاج إلى بعض الضوابط حتى تؤتى ثمارها، فحينما يطلب منك أحد شيئا وأنت (لا تستطيع أو لا تريد فعله) بمنتهى البساطة قل: لا. عليك أن تعلم أن المشكلة ليست فى كلمة: لا، لكن فى تأنيب الضمير الذى يلى هذه الكلمة الساحرة، لأنه يتردد أحيانا داخلنا كلام كثير يحمل معنى وهميا وهو: (أنك مسؤول عن الشخص الذى طلب).. ولكن هناك قاعدة من المهم أن نفهمها وهى أن من حقك أن تطلب، ومن حقى أن أرفض والعكس، فأنت غير مسؤول عن رد فعل الآخرين، ولكن من المهم أن تكون راقيا ومهذبا فى ردود أفعالك.. فهل نستطيع؟
الروائية أنجلينا كارتر التى صنفتها مجلة التايمز بأنها من أعظم الكتاب البريطانيين وصفت قصة الجميلة والوحش بأنها أكبر دعاية للابتزاز العاطفى، ففى نهاية القصة يقوم الوحش بفعل صريح من أفعال الابتزاز العاطفى بقوله «أموت يا جميلة منذ أن تركتنى»، فكم من وحش فى حياتنا يمارس علينا الابتزاز وهل نستطيع إعلان التمرد لطرد الوحوش من حياتنا؟!
عدد الردود 0
بواسطة:
الناقد احمد المالح
الوحش الطيب والجميلة الماكرة