رغم كل السعى لتكوين ائتلاف دعم الدولة المصرية ليكون الصوت الغالب فى البرلمان ومن ثم يتفق الجميع على قضايا بعينها وقت التصويت، فإن المشهد السياسى الحالى ينبئ بأن الاختلافات ستكون أكبر بكثير من أى اتفاقات، ومن هنا يبدأ دور «رأس الحكمة» فى البرلمان، أو «رمانة الميزان» أو «الصوت العاقل»، من هنا يبدأ دور رئيس المجلس.
أطلق عليه كما تشاء من الأوصاف، رئيس المجلس ليس شخصا عاديا يجلس على الكرسى «رقم واحد» فى البرلمان، ولكنه الشخص الذى يجلس على كرسى القرار فى البرلمان، هو الشخص الذى يتعامل بالعصا والجزرة، يعرف متى يعنف دون إهانة ومتى يمزح دون استخفاف، يعرف قيمة ما يناقش تحت القبة البرلمان ونتيجته الإيجابية والسلبية على الوطن، يعرف أن كلمة عضو بمجلس النواب لها دلالاتها على العلاقات الخارجية المصرية، يعرف أنه يمثل البرلمان المصرى أمام العالم الخارجى، ومن ثم يحتاج رئيس المجلس إلى التمتع بميزات مختلفة نوعية، ليست فقط قانونية أو امتلاكه لسوابق برلمانية، ولكن يحتاج أيضا إلى «الهيبة»، إلى «الكاريزما»، يحتاج ألا يكون من الشخصيات التى أحرقت نفسها فى الإعلام أو أحرقها الإعلام، يحتاج أن يكون رجل دولة بحق، لا رجل من أبطال معارك «التوك شو»، يحتاج أن يكون متقبلا للنقد بصدر واسع، ويرد دون أن ينجر إلى أية معارك وهمية.
لكل هذه الأسباب المنطقية، أرشح عدلى منصور رئيسا للبرلمان، وأزعم أن برلمان 2015 لن يسير على الطريق الصحيح إلا إذا جلس رجل بقدر قامته على كرسى رئيس مجلس النواب، لأن الأسابيع الأولى فى عمر البرلمان ستشكل خطرا على مصر، خاصة أن المقدمات قبل انعقاد البرلمان أكثر سوءا، الائتلافات تتفكك، والأحزاب تتراشق إعلاميا ببيانات مضادة، والصراعات تتزايد داخل الأحزاب نفسها، دون أن يخرج أى فصيل سياسى بمشروع وطنى للتعليم أو الصحة أو النقل أو الإسكان.
لأن عدلى منصور، ابن مؤسسة قضائية، ورجل دولة من الطراز الرفيع، يتصدر اسمه على قائمة الترشيحات، دارت تكهنات واسعة بشأن تعيينه فى مجلس النواب، غير أنه لم يعلق بالإيجاب أو بالسلب فى تعليقه، وظل صامتا للأسابيع الماضية.
بحسابات المنطق، فإن المحكمة الدستورية هى بيته الأول والأخير، خرج منها لقصر الاتحادية وعاد إليها من جديد مرفوع الرأس، يحتار فى الأمر والاختيار، غير أن المعلومات الأخيرة أن المستشار عدلى منصور بصدد التفكير من جديد بعد اتصالات واسعة من شخصيات عامة ودوائر مقربة من القيادة السياسية لمحاولة إقناعه.
هل حسم القرار؟.. لا أمتلك المعلومة، لذلك لا أجيب، ولكن ما لدى من معلومات أنه بدأ يفكر رسميا فى الأمر، خاصة بعد إلحاح الدوائر المقربة والتأثير عليه من منطلق أن البرلمان يحتاج «رمانة ميزان»، يحتاج لـ«الهيبة»، لكى تعود للبرلمان المصرى قيمته، ولكى ينجح فى مهمته التشريعية والرقابية.
أخيرًا، البرلمان يحتاج عدلى منصور، أكثر من 176 شابا تحت سن 45 يحتاجون عدلى منصور لأنه سينصفهم ويمنحهم الكلمة ويقف إلى جوارهم، أكثر من 80 امرأة تحتاج عدلى منصور لكى يساندها فى قضاياها، العشرات من أساتذة الجامعات نواب البرلمان يحتاجون عدلى منصور لكى يفيد بعلمهم المجلس والوطن، بدلا من أن يتصدر البرلمان الشخصيات الجدلية أبطال معارك التوك شو الوهمية.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة