قليل من يعرف الطاقم المصرى الذى يدير مفاوضات سد النهضة مع إثيوبيا والسودان، نعلم فقط اسم وزير الرى وربما مسؤول أو اثنين من قيادات الرى، لكن وزير الخارجية سامح شكرى قال إن هناك شخصين من وزارة الخارجية، فضلاً عن شخصيات من جهات أخرى ذات صلة بالقضية، ونحن لسنا على علم بهذه الشخصيات.
الشاهد الآن أننا أمام فريق تفاوضى كبير يضم الوزارات والهيئات المعنية، وتمثيلاً يشمل كل الجوانب الفنية والدبلوماسية والقانونية، لكن ورغم كل ذلك فلا جديد تحقق حتى الآن، فالمفاوضات متعثرة بل إنها تسير فى الاتجاه الذى تريده إثيوبيا، أو بمعنى أدق الاتجاه الذى وضعته إثيوبيا وخدعت الجميع به إلى أن تحقق لها ما تريد، بأن تكسب مزيدا من الوقت حتى يتحول السد إلى أمر واقع، وندخل نحن فى متاهات أخرى لا طائل من ورائها .
السؤال الآن: هل الفريق المصرى الذى أخذ على عاتقه مهمة التفاوض حول أزمة سد النهضة أدى ما عليه، أم أننا بحاجة لتغييره واستبدال فريق آخر به يكون قادرا على العمل بشكل أكثر قدرة من الفريق الحالى؟ وحديثى هنا لا ينصب على أى من وزيرى الرى والخارجية، لأن الأساس فى أى تفاوض هو الفريق المساعد للمسؤول، لأنه من يقوم بتحليل المواقف وتقديرها ووضع التصورات المستقبلية، ويضع الوزير أو رئيس الوفد بكل الاحتمالات حتى يختار من بينها، ومن الواضح أن الفريق المعاون سواء من الرى أو الخارجية لم يفعلوا ذلك بالشكل المطلوب، وإلا ما كنا وصلنا إلى هذه المرحلة، وبالتالى فإن الحديث عن تغييرهم هو أمر مهم، حتى وإن قيل بأن التغيير سيؤثر على سير بقية جلسات التفاوض، لأنه من الأساس نحن نبدأ فى كل جلسة من نقطة الصفر، وليس هناك تحديد لنقاط نبدأ بها الاجتماعات وننتهى منها ليكون الحديث فى الاجتماعات اللاحقة عن نقاط أخرى جديدة، فالاجتماعات حتى الآن حتى السداسية منها بمشاركة وزيرى الخارجية والرى فى البلدان الثلاثة تدور حول نقطة واحدة وهى محاولة التوافق بين المكتبين الاستشاريين الفرنسى والهولندى، وبالتالى ليس من ضرر إن قررنا إجراء تعديل فى الفريق المصرى المفاوض لتغيير الأفكار المصرية التى يبدو أنها لم تأت بجديد.
من سيتولى مسؤولية هذا التغيير؟
المسؤولية يتولاها فى المقام الأول وزير الرى الذى عليه أن يعيد تقييم أداء من معه من مسؤولين عن الملف، وقدرتهم على العمل خلال الفترة المقبلة، لأن الوقت يداهمنا، وفى مقابل ذلك فإن المسؤولين عن هذا الملف لم يفكروا خارج الصندوق، مما جعل الإعلام يتدخل كطرف حاكم فى الأزمة ويطرح حلولاً من عنده مثل اللجوء إلى مجلس الأمن أو الاتحاد الأفريقى، أو يتدخل الرئيس السيسى مرة ثالثة بالدعوة لقمة ثلاثية تضم إلى جانبه البشير وديسالين لإيجاد صيغة تعامل جديدة تفكك التعقيدات الحالية فى الملف.
وزير الخارجية أيضا ليس ببعيد عن هذا الملف، بل هو جزء أساسى فيه، وعليه مسؤولية بأن يعيد تقييم من يتولون الملف فى مكتبه، لأنه من الواضح أن منهم من لم يعد مهتما بالتفاصيل الدقيقة بالأزمة كونه مكبلا بملفات أخرى، لكنه لا يدرك حساسية ملف مياه النيل وسد النهضة ولايزال يتعامل معه وكأنه شىء ثانوى لا يحتاج التفرغ له لدراسته بشكل جيد للوصول إلى حلول جديدة وخارج الصندوق، بدلاً من الدوران حول أنفسنا وحول مقترحات ليست بجديدة.
التغيير مطلوب وإعادة التقييم أمر صحى، بل إنه ضرورى اليوم قبل غد، خاصة بعدما وقفت الأفكار عند مستوى معين لم يعد يتناسب مع المماطلات الإثيوبية ولا التذبذب فى الموقف السودانى الذى يربط دوما موقفه بالأحداث الداخلية فى السودان وتصعيده لملفات العلاقة مع مصر.. الأمر لا يحتاج للتأخير وإنما التغيير حتى لا نستغرق الوقت فى اجتماعات لا طائل من ورائها وتنتهى إثيوبيا من بناء السد وتبدأ فى ملء بحيرته بالماء وفقا للجدول الزمنى المحدد سلفا منها، وبما يؤدى إلى نقص حصتنا المائية بما لا يقل عن 20 مليار متر مكعب من المياه سنويا، من الحصة الأصلية البالغة قيمتها 55 مليار متر مكعب.