هل فقدنا السيطرة على الإعلام الرياضى؟.. لا يوجد رياضى فى مصر إلا ولديه غصة من الإعلام الرياضى خاصة البرامج الفضائية التى لا تجد ما يملأ وقتها إلا بالكثير من الأحاديث التى تستهدف جذب المشاهدين حتى وإن كان ذلك باصطناع معارك وتبادل للشتائم بين الضيوف، ووصلنا لدرجة أن هذه البرامج تحولت إلى جلسات تنطلق منها مدافع مليئة بالشتائم التى ما كان ينبغى أن تدخل بيوتنا عبر الفضائيات.
بالتأكيد ليس كل هذه البرامج تسير على نفس الوتيرة التى تستهدف التسخين، فهناك برامج تهدف إلى إظهار الحقائق، وتقديم فن التحليل الرياضى بطريقة تستهوى الكثير من المشاهدين الذين يرتبطون بهذه البرامج ويعتبرونها مصدرا مهما لمعلوماتهم، لكن للأسف الشديد هذه النوعية من البرامج ربما أخذت فى التراجع بسبب طغيان البرامج الأخرى التى تمتد حتى الساعات الأولى من الصباح وتتحول إلى ما يشبه المصطبة يتحدث فيها كل ضيف كيفما شاء دون رقيب من أحد، بل إننا نجد فى أحد هذه البرامج مذيعين حينما يجدون الحلقة «باردة» بلغة الإعلاميين يحاولون استخدام بعض أدوات التسخين بإجراء مداخلة مع شخصيات معروفة بعدم القدرة على ضبط أحاديثهم حتى تشتعل الحلقة.
نحن أمام حالة مرفوضة من الأداء الإعلامى الذى أصبح مثار امتعاض من الجميع، ليس فى الوسط الرياضى فقط، وإنما فى كل المجتمع خاصة أن هذه النوعية من البرامج ساعدت على خلق بؤر توتر جديدة فى المجتمع، وليس أدل على ذلك من الظهور العنيف لروابط الألتراس التى تلقت فى أوقات معينة مساعدة ودعما إعلاميا من بعض المنتمين للوسط الإعلامى الرياضى، حتى يكونوا داعمين لهم فى معاركهم الرياضية، فتحولت الظاهرة من فكرة مقبولة تستهدف فى الأساس تشجيعا مثاليا للفرق الرياضية إلى تجمعات شبابية يغلب عليها طابع العنف والخروج عن المألوف، وتحدى القانون وسلطة الدولة، ما جعلهم محل ملاحقة من الجميع.
ينظر البعض للرياضة على أنها هدف حميد، لكن فى مصر تحولت إلى خبيث لعدة أسباب يقع على رأسها للأسف الإعلام الرياضى الذى أصبح مكانا لكل من يريد أن يقول ما يشاء دون رقيب ولا مساءلة من أحد، لذلك ليس مستغربا أن تستمع لأقبح الألفاظ فى بعض هذه البرامج.
ما سبب المشكلة وكيفية الخروج منها؟.. جزء من المشكلة أو لنقل عنها الأزمة معروف، وهو أن غالبية العاملين دخلاء على الوسط الإعلامى، فبعد اعتزالهم اتجه عدد من اللاعبين إلى المجال الإعلامى، ومنهم من حقق شهرة، ومنهم من حاول أن يصنع لنفسه شهرة أو تواجدا إعلاميا كان يفتقده حينما كان فى الملاعب، ووصلنا إلى مشهد يسيطر عليه دخلاء على الإعلام، لا يملك غالبيتهم أدوات الحوار التى تمكنه من السيطرة على الضيوف أو عدم الخروج عن آداب الحوار، بل إن بعض هؤلاء حول برنامجه إلى منصة يطلق منها قذائفه ضد خصومه.
هذا جزء أصيل من المشكلة التى تواجه مأزقا شديد الخطورة، وتحديدا بعد افتقاد هذه البرامج للجديد واقتصارها على ما يمكن تسميته بتخليص الحقوق بالقوة الإعلامية بين مقدمى البرامج، لذلك لم يكن غريبا علينا أن نشاهد على قناة الأهلى المملوكة للنادى العريق والمعروف عنه دوما احترامه لخصومه، أن نشاهد ونرى ونسمع أحد مقدمى البرامج بها وهو كان لاعبا سابقا بالنادى، يصب غضبه الشديد على من ينتقدونه، بل إنه يتوعدهم عبر برنامجه ولا مانع فى بعض لحظات الانفعال أن يقول كلمة خارجة لا تليق بشاشة مملوكة لنادٍ مثل الأهلى.
هذا هو الحال الذى وصلنا إليه، والحل معروف ويمكن الوصول إليه بأسهل الطرق، شريطة أن يلتزم الجميع بآداب الحوار، وأن يعود كل إلى مجال تخصصه، الإعلامى يبقى إعلاميا، واللاعب أو الرياضى يعود إلى مجاله فى التحليل الرياضى ويترك الساحة الإعلامية لمن لديه القدرة على إدارة الحوار بشكل يفيد الجميع، وأن نبتعد عن التسخين غير الضرورى، الذى يؤدى إلى زيادة الاحتقان بين الجميع، خاصة أن الوضع الآن لا يحتمل مثل هذه الأمور.