يبدو أن الصراع فى العراق وسوريا واليمن وليبيا لن ينتهى
هل سنشهد دولة كردية قريبًا؟، وهل تركيا «أردوغان» لها دور فى ذلك؟، وهل سنشهد إقليمًا سنيًا مستقلًا فى العراق؟.. الأسئلة السابقة يبدو أنها تخرج من حيز التصورات النظرية إلى الأفعال الواقعية، والعهدة فى ذلك على ما ذكرته قناة «الميادين» اللبنانية مساء الثلاثاء الماضى.
قالت «الميادين» إن مسؤولًا كرديًا بارزًا بحث سرًا الاستفتاء فى استقلال كردستان، فى العاصمة التركية أنقرة وعاصمة دولة خليجية، وأضافت «الميادين» نقلاً عن مصدر روسى أن تدخل القوات التركية فى شمال العراق جاء نتيجة صفقة مسؤول كردى والإدارة الأمريكية، وتتضمن دعم فكرة الاستقلال، لافتًا إلى أن مباركة تركيا والدولة الخليجية للاستفتاء فى استقلال كردستان مرهونة بدعم كردى لإقليم سنى فى العراق، كما أعلن عن أن اجتماعًا لقيادات وأحزاب كردية سيعقد قريبًا فى أربيل، وأن الخطة تمضى على أساس أن يجرى الاستفتاء على استقلال كردستان العراقى عام 2016.
الكلام الذى طرحته «الميادين» أعتقد أنه ليس من قبيل الشائعات التى تطارد الدور التركى فى المنطقة، وأنه يأتى فى سياق فضح روسيا لكل خطوات تركيا إقليميًا بعد قيام أنقرة بإسقاط الطائرة الروسية الشهر الماضى، وهو الإجراء الذى دفع روسيا لأخذ خطوات تصعيدية ضد تركيا، وربما يكون الكلام الذى كشفت عنه «الميادين» جزءًا من هذا المخطط الروسى فى فضح تركيا.
فى تتبع المشهد الحالى إقليميًا، هناك يقين بأن الصراعات الدائرة الآن فى سوريا واليمن والعراق وليبيا لن تنتهى بإبقاء المنطقة على ما هى عليه، كما أنها لن تعود كما كانت، ليس على صعيد الأوضاع السياسية والديمقراطية، وإنما على صعيد الحدود الجغرافية لكل دولة من هذه الدول، فاليمن مهدد بأن يعود إلى شمال وجنوب، وسوريا مهددة بتقسيم ما، والعراق هى أكبر الدول العربية رواجًا فى تصورات التقسيم.
ومعروف أن هناك تصورات إسرائيلية مطروحة منذ ثمانينيات القرن الماضى حول تقسيم دول المنطقة إلى كيانات عرقية وطائفية، بحيث تصبح سوريا ثلاثة كيانات، سنية وشيعية درزية وكردية، والعراق سنة وشيعة وأكرادًا، والسودان ثلاث دول «أصبحت اثنتين»، واليمن تصبح شمالًا وجنوبًا، والسعودية تنقسم إلى نجد والحجاز، والأردن تصبح وطنًا للفلسطينيين من سكان الضفة الغربية، ولبنان تنقسم إلى كيانات درزية وشيعية وسنية ومسيحية، ومصر تنقسم إلى دولة مسيحية فى الجنوب ومسلمة فى الشمال، ويتم سلخ سيناء لتصبح وطنًا للفلسطينيين كامتداد لغزة.
هذا الطرح الإسرائيلى تم وضعه فى الخارجية الإسرائيلية فى ثمانينيات القرن الماضى، وشملته دراسة بعنوان «استراتيجية إسرائيل فى الثمانينيات»، وبالرغم من أن هذا الكلام كان معدًا لبيئة دولية مختلفة عما هو الآن، حيث كان الاتحاد السوفيتى قائمًا، فإن ما يهمنا فيه هو أن إسرائيل تعتمد تاريخيًا على فكرة تقسيم المنطقة، لأن قوتها تبقى فى ظل ضعف الآخرين، وبناء على ذلك فإننا لا نستطيع فصل هذا الحلم الإسرائيلى التاريخى عما هو مطروح الآن، فيما يتعلق بتقسيم العراق وفقًا لما ذكرته قناة «الميادين» نقلاً عن مصدر روسى. اللافت فى هذا المخطط هو الحديث عن أن تركيا ودولة خليجية هما من تباركان ذلك، غير أن هناك أسئلة تفرض نفسها فى ذلك، هى: كيف تفكر تركيا فى قيام كيان كردى شمال العراق، فى الوقت الذى تحارب فيه الأكراد الأتراك؟، وألا يعزز ذلك من رغبة الأكراد الأتراك فى الانفصال؟، وكيف تفكر إيران فى هذا المخطط؟، وهل يشغلنا الأمر فى مصر أم لا؟، وكيف سيعود بالمصلحة على إسرائيل؟، ولماذا تسعى وتبارك دولة خليجية هذا المخطط؟.
فى كل الأحوال وحتى لو قامت الأطراف المعنية بنفى ما ذكرته قناة الميادين، فإن مجريات الأحداث تقود إلى أن المنطقة لن تعود كما كانت على صعيد جغرافيا كل دولة من دولها.