شهد 2015 إنجازات مهمة اقتصادية وسياسية، أهمها افتتاح قناة السويس الجديدة والمؤتمر الاقتصادى فى شرم الشيخ، وانتهاء مشكلة انقطاع الكهرباء، وتحقيق معدلات أعلى من الاستقرار، وتراجع الإرهاب وحصار الإخوان شعبيا، وإجراء الانتخابات البرلمانية.. ومع ذلك هناك حالة من عدم الرضا لدى بعض أنصار خارطة الطريق، وهؤلاء لهم كامل الحق فى إبداء آرائهم بحرية ومن دون اتهامات باطلة بالتخوين أو العمالة، لأنهم جزء أصيل من معسكر الدولة الوطنية الديمقراطية دولة القانون والمساواة.
موقف هؤلاء يختلف تماما عن موقف الإخوان وأنصارهم الذين يعارضون أصلا خارطة الطريق، وينكرون الحقائق على الأرض، ولا يحترمون إرادة أغلبية المصريين التى تؤيد الرئيس وتدعم خارطة الطريق. القصد لدينا فى معسكر الدولة المدنية وخارطة الطريق آراء غير راضية تماما، ومعارضة ولكن من منطلقات وطنية وفى إطار الحوار الديمقراطى الذى يؤكده الدستور ويحرص عليه.
عدم الرضا لدى البعض يرجع لضعف مؤشرات الأداء الاقتصادى واستمرار البطالة وارتفاع الأسعار، وهناك فريق آخر يشكو من بعض التجاوزات فى ملف حقوق الإنسان وأخطاء ارتكبها بعض أفراد الشرطة، وهناك من يشكو من تراجع السياسة بالرغم من إجراء الانتخابات البرلمانية، فالإقبال الجماهيرى كان ضعيفا، وخضعت إرادة الناخبين لسطوة رأس المال السياسى والإعلام وقوة تأثير الأسر والعصبيات فى الريف.
فريق رابع غير راض عن المشروعات الكبرى لأنها لم تخضع لنقاش مجتمعى، كما أن مشروع القناة كان يمكن تأجيله بضع سنوات لأن تراجع نمو الاقتصاد العالمى لا يجعل المشروع ذا أولوية مطلقة، أما مفاعل الضبعة فيمكن الاستغناء عنه بالطاقة الشمسية، وقد يكون هناك فريق خامس أو سادس من غير المتفائلين أو الذين يرضون تماما عن إنجازات 2015.
معسكر عدم الرضا يمثل أقلية مؤثرة، وأعتقد أنه من الصعب تجاهل أفكارهم ولابد من مناقشتها، وبداية أرى أن تحقيق رضا كاملا عن كل شىء هو أمر مستحيل، لأنه من الطبيعى أن تختلف الآراء والتقييمات، لكنى أتصور أن حالة الرضا عند البعض ترجع بالأساس إلى ثورة التطلعات والطموح الشديد واستعجال حصد النتائج، وقناعتى أن أغلب وسائل الإعلام لعبت دورا سلبيا عندما بالغت فى تقدير مردود مشروع قناة السويس والمؤتمر الاقتصادى، حيث بدا الأخير وكأن نتائجه قد تسربت من بين أيدينا، وبالتالى هناك ضرورة لإصلاح وعقلنة الإعلام.
وعلى الجميع- وهذا هو الأهم- العمل والانتظار، لأن التركة الموروثة من عصر مبارك ومرسى مثقلة بالمشكلات، والمطلوب كثير وصعب، لذلك من الطبيعى أن تتفاوت التقديرات والتقييمات بشأن ترتيب الأولويات، هل نبدأ بالتعليم والصحة أم بالمشروعات الكبرى؟ وهل هذه المشروعات ملائمة وستحقق المطلوب أم لا؟ ثم متى يجنى المواطنون البسطاء ثمار هذه المشروعات الكبرى؟
رسالتى أن بعض النقد مهم شرط الاستجابة له وإصلاح الأداء الأمنى والإعلامى والحزبى، فضلا عن محاربة البيروقراطية والفساد حتى يمكن أن نضمن الارتفاع بمعدلات التنمية، واقترح تنظيم حوارات مجتمعية يشارك فيها خبراء فى كل المجالات، وممثلون عن كل النقابات وكل القوى الاجتماعية من أجل صياغة رؤية استراتيجية عامة تحدد الأولويات ومسارات التنمية فى كل المجالات خلال الربع قرن القادم وحتى 2050، ولاشك أن التوافق الوطنى العام على هذه الرؤية كفيل بتحقيق أعلى معدلات الالتزام والعمل بها، بغض النظر عن تغير الحكومات. فهل يشهد العام الجديد مثل هذه الحوارات المجتمعية؟
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة