منذ يومين كتبت على صفحتى "غير مطلوب أنبياء كى ينصلح حالنا ولكنا فى حاجة إلى تحقيق دولة القانون: "وكان على أن أشير أن دولة القانون تتطلب أن نراجع قوانيننا وننقيها مما يشوبها من عوار، كى تتناسب مع واقع العصر ومتطلباته، مع العلم الحديث وما يجد فيه من اكتشافات أولا كجزء هام لأنه لا يتسنى لنا تحقيق دولة القانون والعدل بغير قوانين منصفة لأنه بغير قوانين منصفة لا إنصاف! فمن اللاإنصاف أن نحتكم مثلا لقاعدة الولد للفراش وقد تخطى العلم هذا بمراحل ومن العيب ألا يكون هناك الزام بإجراء التحاليل اللازمة لإثبات البنوة أو نفيها فى ظل توافرها وقوة حسمها، ولم يكن الرسول (صلى الله عليه وسلم) ليوقف إثبات نسب طفل لأبيه إذا ما أثبت العلم ذلك بنسبة 100? ونفاه كذلك بنسبة 100? كما أنه لم يكن ليقول عليه السلام أن هناك طفلا يولد لرجل بعد وفاته بأربع سنوات بعد أن أثبت العلم بما لا يدع مجالا للشك استحالة بقاء الحيوان المنوى حياً فى جسد المرأة بعد خمسة أيام، وأنه يفقد حيويته وقدرته على تلقيح بويضة الأنثى لضعف حركته قبل ذلك بوقت ليس بالقليل، ومن غير المنطق ألا يعاقب الأهل الذين يشوهون جسد طفلة لا حول لها ولا قوة ولا تملك من أمر نفسها شيئا ولا تملك لهم منعا بتجبرهم عليها بعملية بشعة مؤلمة ضارة كما أثبت الطب ذلك وهى "الختان" متصورين أن أبناءهم عبيد يمتلكونهم وهم أحرار فيما يصنعون بهم لا أدرى بأى حق! ودونما انتظار لأن تنضج هذه الطفلة وتملك إرادتها وتحدد هى برغبتها شاءت هى ذلك أم أبت!
هل إذا خالفنا بعض ما فى كتب الأئمة أو البخارى لأنه خالف ما وصل اليه العلم نكون مهددين بالسجن !! هل نحن مجبرون أن نتبع كلاما لا يمت للعلم بأى صلة بل وقلبه العلم رأسا على عقب فنتجاهله وكأنه لم يكن أو كأننا نحن لم نكن لم نر لم نسمع لم نعش فى هذا العصر وعلى ذلك لنبق خارج العصر أضحوكة العالم والعصر مخافة مواجهة تهمة إزدراء الدين وما يترتب عليها فى بلادنا!! غريبٌ هذا القانون والأغرب أن عليه عقوبة! وفريد أيضاً أو نحن فريدون بما فرضنا! هو أقرب للعصور الوسطى قبل النهضة العلمية والحضارية! لا نعرف لهذه التهمة مثيلا فى قوانين العصر ولا فى اى دين ولا فى القرآن نفسه ولا فى السنة النبوية نفسها ولا نعرف عليها من حد أو عقوبة!!! بالأمس كتبت عن حلقة "البحث عن المسيح" التى أذاعتها قناة CNN ليلة عيد الميلاد وأبديت إعجابى بمواكبة الغرب للعلم فى البحث عن قضية تمس جوهر عقيدتهم وكيف يجرون الأبحاث العلمية مستندون على نتائج تحليل ال DNA وأشعة إكس، كيف يجرؤون على المناقشة والبحث لكشف الحقائق دون أدنى خوف، يبحثون فى ما إذا كانت هناك علاقة من أى نوع بين مجدلية والسيد المسيح بمنتهى الموضوعية ودون أى مواربة هل كانا متحابين؟ يتناقشون فى مرض مجدلية بالصرعة ولماذا وكيف تكون الوحيدة التى شهدت قيام المسيح ثم تختفى باختفائه؟ ينقدون بطرس وينقدون بولس ولا غبار فى ذلك وصولا للحقيقة ! تارة يبرئون يهوذا ويتهمونه تارة أخرى بحثاً عن السبب الحقيقى لخيانته! لأصاب فى ايامنا هذى بقمة الإحباط لخبر سجن إسلام بحيرى بتهمة "ازدراء الدين" وسب الأئمة وسب البخارى لا لشىء إلا أنه انتقد آراءهم وكلامهم وهم بشر عاديون يصيبون ويخطئون لا قداسة لهم!!
انتقد فكرة زواج الطفلة ذات الست أو التسع سنوات والعالم كله يعتبر أن هذه الحالة مرض من الأمراض النفسية اسمه فى الطب ( pedophilia )ويستوجب العلاج النفسى ويجرم فاعله وتستوجب عقوبتة، أم أن القانون المصرى الذى جرّم زواج البنت تحت سن السادسة عشر قد خالف السنة! وكان أحق أن يتهم واضعه أنه ازدرى الدين! لعلمى هذا ما قال البحيرى وحوكم عليه! الحقيقة إلى الآن لا أدرى ما تهمة البحيرى وإلى الآن لا أدرى ما معنى جريمة ازدراء الدين وإلى الآن لا أدرى جريمة بغير مجنى عليه من جنس البشر! أم أن الدين شكى لكم!
ثم ماذا عن ازدراء عقول الناس وإجبارهم على وقف العقل ومخالفة الحقائق العلمية ! اليست هذه جريمة أشنع؟!!! هكذا نظل متفردين بأفكارنا منعزلين عن العالم! محرومون من البحث والتفكير مهددون!! أقسم أننا بذلك سننقرض كما انقرض الديناصور وكان الديناصور أكبر منا وأشد فتكا بمعاصريه! وستعيش البقية الباقية منا بعيدا عن العلم وعن العالم فى عصرٍ أكثر أحفوريةً من عصر الديناصورات !!!
* أستاذ بطب قصر العينى