ليس صحيحاً أنه لا بديل عن هذه السياسة
على كل ناخب أن يرصد موقف النائب الذى أعطاه صوته، فى القضية التى ستطرح نفسها قريبا على مجلس النواب، على كل ناخب أن يرصد ماذا ستفعل القائمة التى انتخبها، وذلك فى طلب الحكومة المتوقع من البرلمان برفع أسعار الخدمات وخفض أسعار الدعم.
تستهدف الحكومة خفض دعم الطاقة والوصول به إلى %30 من قيمته الحالية خلال 5 سنوات، ورفع أسعار الخدمات التى تقدمها للمواطنين بنسبة %30، على أن يشمل ذلك رفع أسعار تذاكر مترو الأنفاق والنقل العام وأسعار المياه، وتطبيق ضرائب إضافية منها ضريبة القيمة المضافة والتى ستتم فى صورة مشروع قانون يتضمن تعديلا على ضريبة المبيعات، وحاصل كل ذلك هو رفع أسعار الخدمات %30، أى أن كل أسرة عليها من الآن الاستعداد لإضافة هذه النسبة على ما تنفقه من مصاريف لتلبية احتياجاتها اليومية، فمن ينفق مائة جنيه عليه الاستعداد لإضافة 30 جنيها.
ستتقدم الحكومة بهذه المطالب إلى مجلس النواب حتى تنتزع موافقته عليها، وسيجد النواب أنفسهم أمام تحد بالغ، يتمثل فى إظهار انحيازاتهم الاجتماعية الحقيقية، فوعودهم أثناء الدعاية الانتخابية من أجل الموظفين والبسطاء من الشعب المصرى سيتضح ما إذا كانت مجرد كلام إنشائى، أم هو فعل حقيقى يتم الفوز به بمواجهة لا هوادة فيها ضد السياسات الظالمة التى لا تراعى اتساع رقعة الفقر فى مصر، وارتفاع معدلات البطالة، وانخفاض الدخول، وانخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار والعملات الأجنبية الأخرى، وقلة فرص العمل، وتضاؤل سوق العمالة الخارجية فى دول الخليج أمام المصريين.
والواضح من سياسة الحكومة أن لديها أجندة اقتصادية واحدة، وهى البحث عما تستخرجه من جيوب الفقراء لسد العجز، وتنسى فى نفس الوقت أن جيوب هؤلاء خاوية من الأصل، ويؤدى ذلك إلى أن ينزل الواقفون على حافة الطبقة الوسطى إلى حالة من الفقر قد تتعمق يوما بعد يوم فيرتفع عدد الفقراء عما هو الآن، بفضل السياسات الاقتصادية الظالمة التى تعظم مكاسب القلة وتنخر فى سوس الأغلبية.
قامت الحكومة السابقة بقيادة المهندس إبراهيم محلب باتباع نفس النهج برفع الأسعار لسد عجز الموازنة فى العام الماضى، وها هى الحكومة الحالية تعتزم نفس الفعل، وإذا كانت المرة السابقة قد وجدت من يدافع عنها خاصة ممن ندروا أنفسهم لمواجهة كل ما يمس الفقراء، فماذا سيفعلون الآن؟.. فلا دخول الموظفين زادت، ولا الأسعار تم ضبطها فى الأسواق، ولا الرغبة الجامحة للقطاع الخاص فى تعظيم أرباحه قد توقفت، ولا يوجد مشروعات انتاجية ذات قيمة تم تشييدها.
ليس صحيحا أنه لا بديل أمام الحكومة فى سد العجز سوى رفع الأسعار بهذه الطريقة، فهذه أسهل وصفة يمكن اتباعها، وهى الوسيلة التى تلجأ إليها الحكومات الفاشلة التى تفتقد الرؤية، ولا تنحاز بالفعل إلى الفقراء، والقصة هنا ليست بطاقات التموين وحزمتها فى الحماية الاجتماعية للفقراء، نعم هى فعل ضرورى كحقنة مسكنة، لكن هى وحدها ليست كافية كى تسد احتياجات الأسرة المصرية، فكيف لهذه الأسرة أن تواجه نفقات المرض فى ظل عدم وجود مستشفيات عامة تقدم خدمة الرعاية للمرض الفقراء، وكيف لها أن تواجه نفقات التعليم فى المدارس الحكومية التى لم تعد صالحة لرسالتها دون الدروس الخصوصية؟ كيف لها أن تواجه احتياجات الملبس والمسكن؟
كم فعلا لجأت الحكومة إليه كى تفرض من خلاله على الأغنياء دفع فاتورة صحيحة تليق بمكاسبهم بدلا من تحميلها كل مرة للفقراء؟ وكم مرة ضبطنا الحكومة متلبسة بحنانها على الفقراء؟ وكم مرة سنبقى فى هذا المسار البائس؟ ماذا سيقول النواب؟ وحبر التصويت لهم من الفقراء لم يجف بعد؟
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
ابراهيم خفاجي
تسلم يا أستاذ سعيد