ليس لنا حديث فى هذه الأيام غير اللاعب المصرى محمد الننى بعد انتقاله من فريق بازل السويسرى إلى فريق الأرسنال الإنجليزى، وهذا شىء جميل، لكن النقطة الأكثر تناولا فى الحديث هى راتب الننى الذى سيحصل على ما قيمته 700 ألف جنيه مصرى كل أسبوع، وهذا الحديث يمكن وصفه بـ«الأخطر» لأن هذا الخبر المتداول على المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعى يضع «الحلم المصرى» فى خانة خطرة جدا.
والسؤال الذى سيسأله الجميع مستغربين: من أين يأتى الخطر فى خبر مفرح مثل حصول لاعب مصرى على هذا الدخل المالى الكبير؟ ونقول: إن الخطر يكمن فى مفهوم «الحلم» الذى سيأخذ شكلا بعيدا عما تريده مصر الآن، فهذا الرقم المالى الذى سيحصل عليه «الننى» سيطرق ذهن كل شاب ومراهق مصرى يبدأ حياته ويجلس على مكتبه مستعدا لمذاكرة دروسه، فبعد قراءة الخبر مرة وثانية وثالثة سيفكر فى جدوى ما يفعله بالمذاكرة.
علينا أن نكون أكثر وعيا بظروفنا وظروف مجتمعنا، فى هذا العالم المقسم لعالم أول وعالم ثالث، حيث إن كل بلد يكون له ظروفه الخاصة التى تحدد أولوياته ويحدد هو طرق الوصول إلى حلمه فى النمو الاقتصادى والمجتمعى، ومصر لم تصل بعد لتحقيق أحلامها عبر الرفاهية التى منها «الرياضة والفن»، فهى ما زالت فى طور المراهنة على «العلم» ولا بديل حتى الآن، يمكننا أن نصنع موسيقى عظيمة وعالمية وفنا عظيما ومهما، فإن ذلك كفيل بأن يجعل منا شعبا جميلا يملك إنسانيته وروحه، وليلعب أبناؤنا فى أكبر نوادى العالم ويحصلوا على أعلى الرواتب، فإن ذلك يقدمنا بصورة جيدة للعالم، لكننا علينا أن ننتبه أننا لم نصل للدرجة التى تسمح لنا بالأحلام الفردية، لأن رد فعل الحلم الفردى سيكون «أنانيا» نوعا ما، سيستفيد اللاعب وبعض من حوله وربما قريته أو مدينته، وسيستفيد منه الوطن «معنويا» لكنه أبدا لن يصير المنقذ من الضياع.
إنما المنقذ من الضياع هو التعليم الجيد ومعرفة السبل الجديدة فى الزراعة والهندسة والنظريات العلمية، وذلك يكون باستخدام المنهج العلمى القويم وبالموهبة لأنها مهمة فهى من فعلت ذلك بمحمد الننى ووضعته فى فريق كبير يحقق له هذا النجاح المادى، لكننا نحتاج أيضا للموهبة العلمية التى تصنع بنية تحتية لهذا الوطن، وليكتشف كل واحد منا موهبته وليس شرطا أن تكون فى الكرة، فكثير من أساتذة الجامعات وأصحاب المشاريع يربحون أكثر من ذلك، وربما يأتى من بعدنا جيل، بعد أن يكون النمو المجتمعى قد اكتمل، ويأخذ الحلم منحى آخر، وحينها تصبح الفنون بأنواعها والرياضات باختلافاتها قادرة على تحقيق الحلم «الأوسع» للبلد.
هنيئا لمحمد الننى وهنيئا لمحمد صلاح ولأحمد حسن كوكا وغيرهم من اللاعبين الذين يقدموننا بهذا الشكل الجميل الذى يليق بمصر، لكن يا شباب مصر للأحلام والنجاح والثروة طرق كثيرة ومتعددة أهمها العلم.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة