عن الأغلبية ومن يملكها
بمناسبة الانتخابات أو بدون مناسبة. اختلف البعض أو اتفق نزل أو قاطع أو كبر دماغه، وبقيت هناك قضية معلقة، من يملك مفاتيح الأغلبية ويمكنه أن يؤثر فى الناس ويتحكم فى كل هذه الجموع؟، وهل يمكن لمن يمتلك شعبية أن يعجز عن خوض الانتخابات أو حتى دعم مرشح وإبعاد آخر؟. وكيف يمكن إغلاق الفجوة بين نجومية مواقع التواصل، والقدرة على صناعة أغلبية أو حشد لأى قضية، باستثناء جمع توقيعات لا تتجاوز صفحات موقعة يتم نسيانها، أو جمع علامات الإعجاب؟.
وهل يمكن لهؤلاء تجاوز مصمصة الشفاه وكتابة بوستات ساخرة أو غاضبة أو معترضة. يتفقون حولها ويعجبون بها ويذهبون للنوم وهم راضون عن قدراتهم المهولة على المشاركة فى الرأى العام؟. ومن دون أن يقدموا تفسيرا يمكن به التعرف على ما يجرى وليس فقط الفرجة عليه.
وأنا هنا لا ألوم هؤلاء، وبينهم أصدقاء وزملاء ومعارف، يشاركون فى حفلات يومية، بالمساء والسهرة، وأعرف أنهم صادقون فى شعورهم ورغبتهم فى الأفضل، لكنى كثيرا ما أشفق عليهم وعلى نفسى وغيرى من كم «العكننة» الصباحى الذى يلقون به فى نهرى الصباح والمساء، وينسون ما يخطونه، كأنهم يكتبون على الماء. فلا هم يساهمون فى رفع الوعى، ولا يشاركون فى فهم ما هو غامض، ولا حتى ينشرون روح التفاؤل التى يمكنها المساعدة فى التفاعل مع ما يجرى ومواصلة الحياة.
اللافت لدى كثيرين من إصدقائنا أنهم يمارسون نفس الدور طوال الوقت، من دون أن يسعوا لطرح الأسئلة، وإنما إطلاق أحكام نهائية والتورط فى «شتائم» أو اتهامات مجانية مع المشاركة فى حفلات النميمة باستمتاع، وهو أمر يعلى من قيمة النميمة على حساب النقد والتحليل والفهم والتفهيم مع الاعتراف بأنه لا أحد يمتلك مفاتيح غرفة العجائب التى يمكن بها التحكم فى تحريك أو منع شىء ما.
فإذا كان هناك من اختار عدم النزول إلى الانتخابات ترشحا أو تصويتا، وهؤلاء كتلة لا يستهان بها، تمثل ما يقرب من ثلاثة أرباع الناخبين، وعلى أفضل تقدير ضعف الأعداد التى نزلت للتصويت، لكن طبعا ليس كل هؤلاء معا، ولو كانوا معا، لاستطاعوا تغيير معادلات كثيرة، منهم الكسلان والرافض والغاضب ومن اعتاد المقاطعة، ومن لا يهتم، ومن لا يرى أن صوته له قيمة، ومن لا يرى فائدة للبرلمان. وطبعا من بين هؤلاء يخرج من اعتاد الجلوس تحت ظلال الكيبورد، ليلبس «طاقية» الحكمة، ويضع ساقا على ساق، وسمت الحكماء، ليعلن «لا شىء جديد وهذا ما توقعناه ولا تراهنوا على أى حاجة». ومعه طبعا زميله العبقرى المحلل الفاهم للثورة والسياسة «اللى شاركوا هما العواجيز العبيد ولا يوجد شباب».. وعندما يلمح شبابا فى السياسة منهم من فاز بجهده، أو بتحركاته، سوف يبدأ فى تصنيفهم إلى منافقين ومشتاقين وانتهازيين. مع أنه هو أو بعض زملائه كانوا يوما ما يجلسون ويطرحون أنفسهم.
الخلاصة أنه «شتم» كل من شارك، واعتبر الشعب غير واع، ولا يمتلك أى رؤية ومنهم طبعا من باع صوته لمن يملك، وهو اتهام صحيح بحاجة إلى تفسير وأيضا إلى آلية لمواجهته، خاصة أنه ليس كل من اشترى الأصوات فاز، بما يعنى أن من قبض ثمن صوت، ربما منح صوته لآخر يراه مستحقا. فاز من ينتسبون للماضى، وخسر منهم أيضا، مع العلم أن من ترشحوا لا يوجد مانع قانونى لترشحهم.
يعنى فى النهاية صديقنا الحكيم النهائى، «شتم» الشعب، مع أنه هو نفسه يدعو نفس الشعب للنزول معه ومساندة أفكاره، وقضاياه، وزملائه من أصحاب القضايا، الذين يعتبرهم هم وحدهم الذين يفهمون ويعرفون.
ولا نقول هذا باعتبار أن الوضع مثالى، بل هناك الكثير من الانتقادات للنظام الانتخابى، وآليات مراقبة الإنفاق وقواعد الترشح. لكن لا يمكن أن يكون الحل فى مزيد من اللطم والولولة. وإذا كنتم وكلاء الشعب، فلماذا «تشتمون» نفس الشعب وتطالبون بأن يساندكم؟.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مصدر مسؤول
الشرنفه السياسيه و تشظى المعرفه و جلد الأخرين كلها أعراض عجز و محدوديه الوعى