اختيار مصر بالإجماع لرئاسة لجنة مكافحة الإرهاب بمجلس الأمن الدولى فرصة أم فخ؟ فرصة حتى تعلن القاهرة أمام دول العالم أجمع ومن خلال أهم لجنة لمكافحة الأنشطة الإرهابية بالأمم المتحدة مشروعها لمكافحة الإرهاب، وحتى تقود العالم للتخلص من التنظيمات المتطرفة التى تهدد السلم الدولى، أم أن الأمر لا يتعدى استخدام اسم مصر، التى نجحت فى دحر الإرهاب على أراضيها وفى مجالها الإقليمى، لتمرير قرارات ومشروعات استعمارية بدعوى الحرب على داعش وأشباهها؟
لابد أن نسأل هذا السؤال، الأجدى من التهليل والفرح المجانى بالحصول على المنصب الذى كانت تشغله ليتوانيا، لماذا؟ لأن نصف دول مجلس الأمن تقريبا ضالعة فى أنشطة إرهابية وفى تحالفات استعمارية جديدة وتقوم بصناعة ودعم التنظيمات الإرهابية لإعادة رسم خرائط النفوذ فى العالم، ولعلنا رأينا وعانينا من الولايات المتحدة وما فعلته فى العراق وسوريا، وكيف صنعت تنظيم داعش من الألف إلى الياء، وأوكلت مهمة تدريبه وتسليحه إلى تركيا ومهمة تمويله إلى قطر، وذلك حتى توازن بين التمدد الشيعى فى المنطقة والأغلبية السنية وتشعل الحرب الأهلية الكبرى بالمنطقة العربية، لإضعاف الدول الأساسية الغنية والمستقرة.
ثم تتدخل لصناعة الدويلات الضعيفة التى لا يمكن أن تهدد أمن إسرائيل لمدة مائة عام مقبلة، وبعدها تغادر واشنطن المنطقة نهائيا، بعد أن توكل أمورها إلى المستعمر الأول الذى استلمتها منه «بريطانيا».
ورأينا كذلك الحلف الغربى الذى شكلته واشنطن لمواجهة داعش، الفزاعة التى صنعتها ونفخت فيها لتنفيذ برامجها الموضوعة، وكيف تدافعت الدول الكبرى للانضمام للحلف وقصف سوريا الصغيرة لشهور طويلة بأحدث الأسلحة دون أن يبدو أى أمل للانتهاء من هذا التنظيم المتطرف الذى يتم تصويره على أنه وحش يبتلع المنطقة، بينما الحقيقة أن حرب قوات التحالف على داعش، إنما تفتح له الطريق للتقدم والاستيلاء على أراضى جديدة والسيطرة على منابع النفط ومعامل التكرير فى العراق وسوريا.
الأمر نفسه يتكرر فى ليبيا، فرغم اللجنة الدولية والمبعوث الأممى والانتخابات واختيار رئيس للحكومة، فإن الأموال القطرية والأسلحة المهربة عبر تركيا وتوافد شركات المرتزقة لتدريب الليبيين البسطاء على صناعة القتل، حولت البلاد إلى دويلات فعلية، ومنعت ازدهار صناعة النفط والغاز بشكل رسمى، لمصلحة مشروعات الغاز القطرية، وسمحت فقط بعمليات التهريب عبر البحر إلى تركيا.
ماذا ستفعل مصر خلال رئاستها للجنة الإرهاب بمجلس الأمن فى مواجهة هذه الملفات الشائكة؟ كيف ستواجه الدول الكبرى التى ترعى وتدعم الإرهاب لتحقيق مصالحها؟ هل يمكن أن تدمغ واشنطن بأنها راعية للإرهاب مثلا، وهى الدولة التى تملك حق الفيتو، وفى حلفها بريطانيا وفرنسا العضوان الدائمان بالمجلس؟ وهل تستطيع اللجنة التى ترأسها مصر، أن تمارس مهامها فعليا، بوضع سياسات مكافحة الإرهاب.
على المستوى الدولى والإشراف على تنفيذ قرارات مجلس الأمن بتجريم تمويل الإرهاب وتجميد أموال المشاركين فى أعمال الإرهاب، ومنع الجماعات الإرهابية من الحصول على أى شكل من أشكال الدعم المالى، وعدم توفير الملاذ الآمن أو الدعم أو المساندة للإرهابيين، والعمل على اعتقالهم وتسليمهم للعدالة؟ وهل تستطيع مصر مثلا المطالبة بتجريم الممارسات القطرية والتركية فى مساعدة الإرهابيين، وهناك دلائل مؤكدة ومواد موثقة على ذلك؟ وهل تستطيع إجبار الدولتين على تسليم الإرهابيين والمجرمين الذين يتمتعون بالدعم المادى والأمنى على أراضيهما؟ إذا تحقق هذا الأمر، يمكن عندئذ أن ننظر إلى لجنة مكافحة الإرهاب بمجلس الأمن الدولى نظرة مختلفة.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
عادل محمد غالي
الصاق تمويل الارهاب بقطر ظلم وافتراء