«وأطيعوا الله.. والرسول.. وحسام البدرى.. فربنا يكرمنا ونفوز على مالى»!
هذا المقطع أنهى به خطيب صلاة الجمعة خطبته فى أحد مساجد مدينة سالى السنغالية، حيث يقيم منتخبنا الأولمبى الذى ينافس للصعود إلى أولمبياد ريو دى جانيرو 2016!
أظن أنه لم يعد هناك وقت لعدم الكلام، وفضح تلك العشوائية فى استخدام الدين مطية لكل من لم يقدم عملًا مطلوبًا منه على أفضل وجه.. كما يطالب رب العباد!
«رب العباد» جميعًا.. مسلمين، ومسيحيين، ويهوديًا.. وكل البشر.. والمؤكد أن عدالة الله على الأرض أن ترك أمر التفوق فوقها للأكثر عطاء، ثم يأتى وقت حصد ما يقدمه البنى آدم من صحيح العبادات، ليكون هو سبيله إلى الجنة!
أما العمل، والاجتهاد، واللياقة، والاحتراف، واللعب النظيف، والقضاء على الفساد.. فهى الطريق إلى المونديال.. يا حضرات.. حرام عليكم!
الآن نقولها بكل أمانة: لم يعد للصمت حدود، لأن خلط الدين بالرياضة، سيؤدى بنا فى النهاية إلى كارثة تماثل ما نعيشه من خلط الدين بالسياسة، ويكفينا ما نعيشه من مآسٍ بعد تمكن «تجار» خلط الدين بالسياسة، بل ما يعانيه العالم أجمع.. بكل دياناته.. وإلحاده.. وبى آدميه الذين منهم من يرزقه الله لأنه يعمل رغم عدم اعترافه بوجوده، حاشا لله.. إنما تبقى حكمة رب العباد أن يعطيه بقدر ما يعمل، ثم يأتى الحساب، حساب الآخرة، ليفصل فيه رب العباد بقدر إيمانك وأدائك واجبات دينك.. مش كده ولا إيه؟.. ما أى حد يا ناس يتكلم إحنا مش ناقصين دواعش.. آى والله!
عشوائية الخطاب الدينى شديدة الخطورة، فهى التى تدفع الرياضيين وفى القلب منهم النجوم إلى الاعتماد والتواكل، باعتبار أن الواجبات الدينية هى التى تحفظ اللاعب من الإصابة، وتدفعه للنتائج الإيجابية، وبالتالى مواصلة الفوز، والحفاظ على المكتسبات المالية!
طيب.. لماذا لا يقدم الخطاب الدينى للرياضى الأدلة والبراهين على أن أداء العمل أولًا هو العبادة، ثم يأتى الإيضاح أيضًا، فأنت لا تلعب مع «الكفار» إذا كان المنافس من ديانة أخرى، وهذه هى أم الكوارث، ناهيك عن التأكيد على وجوب عقد «مقرأة قرآن» قبل المباريات المهمة، وكأنها ضمن أدوات اللعب والعياذ بالله، مع أنها يجب أن تكون فى الأوقات الدينية!
• يا سادة لن نخشى من عش الدبابير التى تدفع شبابنا إلى هوة سحيقة بعنصرية تجاه الآخر.. مع أن أهم تعاليم الإسلام الحنيف هو قبول الآخر.. وللرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه السبق فى هذا!
• يا سادة.. إذا كان خلط الدين بالرياضة، كما يظهر فى كرة القدم خلال العقدين الأخيرين هو ما يحقق الانتصار.. فالسؤال الآن: «لماذا لا يطوف نجوم المنتخب السعودى بالكعبة، بيت الله، قبلة المسلمين، بدلًا من المران والجرى حول الملاعب، ثم يلعبون فيفوزون على البرازيل، وأتخن منها كمان، ويصبح المونديال وكأسه ملكًا لهم!
• يا سادة.. العمل عبادة.. فلا تتركوا رجعية المتواكلين تدفعنا للخلف، بينما العالم حولنا يتقدم ببساطة ويسر.. لا أدرى لماذا لا يفطن نجوم الكرة الذين يسيطر عليهم «فكر» تجار الدين.. نعم تجار الدين، وبالقطع، يعرفون جيدًا أن أى حديث عن هذه الرجعية يعنى اتهامك بالكفر، والعياذ بالله، لهذا يجب أن يفطنوا إلى أن كرة القدم عملهم الذى يتقاضون عنه أجرًا كبيرًا - الله يحنن عليهم - فإذا ما طلب منهم المسؤول الفنى أن يناموا مبكرًا، وأن للطب رأيًا فى هذا، فإن عليهم التنفيذ، ثم تدارك «المقرأة»، أو الواجب، أوالنافلة الدينية.. وهنا يمكنهم الرجوع إلى أصحاب الفتوى، وليس المتشددين بحسابات، وهناك فتاوى كثيرة لعلماء أجلاء وسطيين مثل الراحل الكبير الشيخ العلامة محمد متولى الشعراوى، وغيره.. أما «مشايخ الجماعات» وبكل صراحة، فهم المسيطرون على نجوم الكرة، قليلى العلم الدينى، سريعى الخوف من عقوبات رب العباد لصحتهم وعافيتهم لأنها مصدر الدخل، وبالتالى يرضخون سريعًا لهؤلاء!
• يا سادة.. لا يمكن أن نترك هذا الخلط المريب الذى نتج عنه غسيل مخ لنجم كان محبوبًا لمائة بالمائة من الشعب المصرى، فأصبح الآن مختلَفًا عليه.. تطارده لعنات جماعة الإخوان الإرهابية!
• يا سادة.. هذا التوغل العشوائى لأصحاب الفتاوى المتشددة هو ما يشكل مستقبلًا ضبابيًا، فتصور كيف هو الحال عندما يكون المسؤول ممن يقتنعون بمبادئ «السلفية» فيطلق اللحية.. عندها لن يرضى بوجود لاعب غير ملتحٍ، ليس فقط اللحية، لكن المؤكد ما تحمله خلفها من تشدد، لدرجة أن بعض هؤلاء المدربين يسعون لجلسات دينية أكثر كثيرًا مما يرتبون لجلسات مشاهدة الخصوم، ودراسة كل ما هو حديث عبر الفيديو.. مثلًا، والأخطر أنهم يؤكدون للاعبين الذين يقعون تحت تأثيرهم أن حلق اللحية يبقى للوجود غصب عن البلد الوسطية، لأن الوسطية بالنسبة لهم تعد خروجًا عن صحيح العقيدة.. تخيلوا!
• يا سادة.. الصمت لم يعد مقبولًا.. فالفرق المسلمة مثلنا لا تؤدى «السجدة» عقب الهدف، ربما يتجمع اللاعبون شاكرين المولى عز وجل على تكليل جهدهم بالهدف، إنما أن يصبح للفريق المسلم شكل للسجدة فهذا ما دفعها إلى أن يطلق عليها «عنصرية المسلمين» فى الملاعب، وأيضًا فعلها منتخب كوريا الجنوبية عام 2008.. تخيلوا! باعتبارها عادة فرعونية.. والله يشكروا، يكفى أنهم اعتبرونا شعبًا واحدًا.. لا عنصرية بيننا!
• يا سادة.. لا تتركوا الأمر هكذا، فنجد أنفسنا قبالة مصيبتين.. الأولى ظهور نجوم يحبذون ويشكرون جهد «داعش» التى تنتقم للإسلام!
أما الثانية.. وسنتناولها قريبًا، فهى أنه لا يوجد فى المحروسة نجوم الآن من شركائنا فى الوطن الأقباط.. راجعوا حضراتكم الأعداد والأسماء!
• يا سادة.. تعالوا إلى كلمة سواء.. الصمت لن يجدى.. فلنقف جميعًا ضد توغل وخلط الدين بالكرة، فلها مريدوها، وبالتالى تجار الدين يبحثون عن نجوم لأفلام العنف والتضليل، فهل سنترك أولادنا نهبًا لهؤلاء؟!.. حسبنا الله فى كل صامت عن الحق الذى وعد الناس بأنه صاحب الحساب.. وتذكروا أن الله ينظر لأعمالكم.. وأن العمل عبادة!