سعيد الشحات

محمد عبدالعليم داود

الأحد، 06 ديسمبر 2015 07:29 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حين خرج النائب محمد عبدالعليم داود من مبنى نيابة الأموال العامة يوم 13 سبتمبر 2010، فاجأ الجميع برفع حذائه قائلا: «أنا جزمتى أشرف من أى مسؤول حكومى يتهمنى، والمفروض يبقى مكانى حاتم الجبلى وأحمد عز».. كان فعل «داود» مثيرًا، ويرد به على اتهام أكثر إثارة، وهو أنه أسرف فى استخراج قرارات علاج على نفقة الدولة للمرضى.

كان المهندس أحمد عز، أمين تنظيم الحزب الوطنى والرجل القوى فى نظام مبارك، هو الذى وجه هذه الاتهامات إلى عدد من النواب، وبدلًا من تحقيق هدفه بتلويث سمعة «داود»، وضع نيشانًا على صدره، فالاتهام كان شهادة اعتراف بانحياز داود إلى الفقراء، والعمل من أجلهم، فى الوقت الذى ينساهم أحمد عز ونظام مبارك كله. وجميعًا نعرف مأساة المرضى الفقراء بأمراض مزمنة وخطيرة، فهم بلا غطاء من نظام علاجى فى الدولة يضمن رعايتهم الصحية، ولهذا يدقون الأبواب من أجل الالتحاق بمستشفى حكومى للعلاج المجانى، والحصول على قرار بالعلاج على نفقة الدولة، ولأن باب محمد عبدالعليم داود كان مفتوحًا على الدوام سجل رقمًا قياسيًا فى الحصول على هذه القرارات.
تميز محمد عبدالعليم داود بالجمع بين ثنائية «الخدمة» و«السياسة» طوال فترة وجوده تحت قبة البرلمان، بمعنى أنه يقدم الخدمة لأبناء دائرته، فى الوقت الذى لا يغفل دوره السياسى العام، ولهذا كان حاضرًا وبقوة فى المعارضة ضد مبارك، وفاضحًا لسيناريو توريث الحكم لجمال مبارك، وبهذا الوضع ظل طوال فترته فى البرلمان لثلاث دورات ممن لا يلتزمون بالنص المقرر من نظام مبارك، فتحت القبة عارض هذا النظام، وفضح فساده، ومزق بيانات الحكومة، وقدم طلبات الإحاطة والاستجوابات والبيانات العاجلة، ورفض التعديلات الدستورية التى ألغت الإشراف القضائى قبل ثورة 25 يناير، مما جعله هدفًا دائمًا من أحمد عز ورجاله، وكانت قصة «العلاج على نفقة الدولة» نموذجًا واضحًا على الاستهداف، لكن تدخل أجهزة الدولة لإسقاطه فى الانتخابات البرلمانية عام 2010 كانت هى الأكثر فضيحة فى هذا، ويتذكر الجميع أن نتيجة الانتخابات فى دائرته «فوة ومطوبس» ظلت معلقة، لكن زحف الناخبين أمام مقر الفرز وعدم مغادرتهم له أجبر الذين يخططون للتزوير على التراجع، واللافت أن هذه المعركة جاءت بعد أسابيع قليلة مما فعله أحمد عز فى قصة العلاج على نفقة الدولة، وكان التصويت له بمثابة الرد العملى على مزاعم «عز».
بعد ثورة 25 يناير وانحياز «داود» لها، جرت انتخابات عام 2012، ولم يتركه الإخوان فقاموا بالترشح ضده فى تصرف دل على طمعهم، وعدم إيمانهم بالتعدد الوطنى تحت قبة البرلمان، لكن داود نجح أيضًا رغم الاتساع الهائل لدائرته الأصلية تطبيقًا لقانون الانتخابات الذى جمع بين القائمة النسبية والفردى، والمثير وقتها أن محمد عبدالعليم داود كان مريضًا، وأقعده المرض عن الدعاية الانتخابية بنفسه، وبالرغم من ذلك أعطاه الناخبون أصواتهم فى تحدٍ للإخوان ورجال نظام مبارك الذين ترشحوا. رغم كل ما سبق لم ينجح محمد عبدالعليم داود فى الانتخابات التى انتهت قبل يومين، وهى نتيجة لا يمكن عزلها عن كل الأجواء السيئة التى أحاطت بالعملية الانتخابية، وفيها تفاصيل كثيرة، أهمها المال السياسى والرشاوى الانتخابية.
بالطبع سيتحدث خصوم محمد عبدالعليم داود عن أسباب عدم نجاحه، وهى أسباب تخصهم، لكن فى سجل تاريخنا البرلمانى هناك أسماء برلمانية لامعة ومحترمة دخلت البرلمان وخرجت ثم عادت، وبقى معدنها واحد فى كل الحالات دون تغيير فى الانحياز للحق والخير.. و«داود» من هؤلاء.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة