رغم أن نتائج انتخابات البرلمان لم ترض البعض وأغضبت البعض الآخر إلا أنها من وجهة نظرى جاءت معبرة عن حقيقة النسيج المصرى الحالى، فبالفعل خرج من بين الفائزين نواب "المال"، ونواب "الصوت العال" وخرج من بينهم نواب "الفكرة" ونواب "الثورة" ونواب "الحزب الوطنى"، كما خرج من هو يدرك مصلحة البلاد بحق ويريد أن يصلح الحال.
هذه الصفات هى صفات نواب الاستحقاق الثالث من خارطة الطريق، نواب منهم من يسعى إلى تشريع فرقابة فتمثيل جيد للشعب أمام الحكومة، ومنهم من يسعى إلى مصالحه الشخصية، منهم من سيؤيد مطالب الثورة تحت القبة، ومنهم من يؤيد إعادة بناء الحزب الوطنى فى ثوب جديد، ومنهم من يسعى إلى مصالح أمة كاملة ومنهم من يسعى إلى مصالحه الشخصية ولتكن الأيام بين الجميع لنر، من يخدم بلاده ممن يستغل نفوذه فى سبيل مكاسب شخصية.
الحقيقة تبقى فى أن نتائج الانتخابات جاءت متماشية مع الواقع المصرى ولم يكن لدينا "قماشة" أفضل من هذه لتخرج إلى النور فالناخب المصرى اختار من بين طياته من يمثله ويعبر عنه حقا، ولعلنا نتاجر بحالنا على غير الحقيقة حينما نتحدث أن المرشحين جاءوا بالمال، وأن يتهم البعض بشراء الأصوات، لأن الكلمة فى النهاية تكون للناخبين، والناخبون فى مصر قالوا كلمتهم واختاروا من يمثلهم حقا.
وفى توقعى، سيكون أداء الرئيس عبد الفتاح السيسى هو الأفضل من بين الاستحقاقات الثلاثة لخارطة الطريق فمن قبل تم كتابة الدستور وحتى الآن لم يفعل على أكمل وجه، وربما جاء الاستحقاق الثالث وسط تكهنات بألا يكون المجلس الجديد ذا أداء أفضل، ويأتى ذلك فى ظل ارتفاع ملحوظ فى أداء الرئيس خلال الأشهر الثلاثة الماضية وتحديدا فى قدرته على احتواء عدة أزمات كان آخرها الأزمة التى نشبت فى محافظة الأقصر بعد مقتل مواطن مصرى على يد ضباط الشرطة عقب تعذيبه.
وربما تختلف معى عزيزى القارئ حين أؤكد لك أن الدستور المصرى كان مطبقا بشكل أفضل فى عهد الرئيس السابق محمد حسنى مبارك وهنا نقصد فقط تطبيق الدستور ولا نرصد اختلافنا مع الكثير من نصوصها فبعد ثورة 25 يناير جاء دستوران وكلاهما لم يطبق فعليا حتى الآن وربما لكانت نصوص دستور "مبارك" أكثر تطبيقا رغم اختلافنا معها.
الرئيس والبرلمان يحتاجان من الآن المساندة، مساندة كلاهما على مسئوليته فى تطبيق نصوص القانون وتعديل بعضها، بما يتماشى مع الدستور الجديد، فالرئيس يحتاج أن يقترب أكثر فأكثر من المواطن المصرى، والأحزاب ينبغى أن تنسى الخلافات بينها وأن تتناسى تقسيم المغانم والمستقلون عليهم نسيان الخلافات مع الأحزاب وكأن الأول عدو للثانى، ليعمل الجميع فى سياق مركب واحد سينجو أو يغرق وعليه جميع ركابه.
أما الشعب فدوره الرئيسى أن يأخذ بركب الثلاثة إلى الشاطئ، حيث ينبغى أن نفعل حديث الرسول صلى الله عليه وسلم والذى قال فيه "انصر أخاك ظالما أو مظلوما فقالوا يا رسول الله هذا ننصره مظلوما فكيف ننصره ظالما قال تأخذ فوق يديه" أى على الشعب المصرى أن يأخذ بيد الرئيس والبرلمان إلى ما هو فى صالح البلاد فإن أحسنا ساعدهما، وإن أساءا قومهما.