حسن زايد يكتب: تربية الكوادر السياسية هو الحل

الأربعاء، 09 ديسمبر 2015 08:00 م
حسن زايد يكتب: تربية الكوادر السياسية هو الحل انتخابات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
المتأمل للانتخابات البرلمانية الأخيرة، سيجد أنها كانت تمثل فرصة ذهبية للشعب المصرى، فى ظل حيادية السلطة التنفيذية والقضائية، للولوج إلى عالم الانتخابات النظيفة، التى تتسم بالنزاهة والشفافية، انتخابات خالية من الرشا الانتخابية، والمال السياسى، الكفيلين بإفساد أى حياة سياسية فى أى دولة، حتى ولو كانت الأعرق فى الديمقراطية. إلا أن هناك من فوت على الشعب المصرى هذه الفرصة، فهواة السياسة من اللاسياسيين، الذين يملكون فائضاً من الأموال، قد زاحموا السياسيين فى الحلبة التى ازدحمت بالمتنافسين على أرضية غير متكافئة، ليفسدوا بأموالهم الذوق السياسى العام، ويحتلوا بأموالهم مقاعد غيرهم، آملين القبض على عنق البلد، فلا يدعون شهيقاً أو زفيراً، يمر دون مشورتهم، أو لا يكون مرهوناً بإشارتهم، وهم بذلك يعيشون أوهام الحمل الكاذب.

فوهم حصد أكثرية مقاعد البرلمان ـ وتلك حقيقة واقعة ـ تحمل نفس أعراض الحمل الكاذب؛ لأن عدد المقاعد المتحصل عليه، لا يمثل بحال وزن هذه الأحزاب الفعلى فى الشارع السياسى، وقد أتاح النظام الانتخابى العيش فى ظلال هذا الوهم، باعتماده نظام القائمة المطلقة بديلاً عن نظام القائمة النسبية، فنظام القائمة المطلقة يجعل من الصوت الواحد ـ بالسالب أو بالموجب ـ فيصلاً بين فقدان كل المقاعد، أو حصد كل المقاعد، وعلى ذلك فإن عدد المقاعد التى يحصدها حزب من الأحزاب لا يمثل قاعدته الجماهيرية أو كتلته التصويتية، وإنما يمثل كتلته وكتلة غيره، بفرض أن له كتلة تصويتية من الأساس، فإذا أضفنا إلى ذلك انخفاض نسبة الإقبال على التصويت، لأدركنا مدى افتقار هذه الأحزاب لشرعية التمثيل بموجب إرادة كل الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم حقاً، هذا مع فرض ثبات العوامل الأخرى، هذا فقط نتاج النظام الانتخابى المختار، فإذا أضفنا إليه العوامل الأخرى، والتى تيسر حصر ثلاثة منها، لتبين لنا مدى ما تعانيه هذه الأحزاب من أعراض الحمل الكاذب أولى هذه العوامل عملية الإخلاء المتبادل للدوائر، حيث يتفق مرشحان على عدم الترشح فى دائرة واحدة، وإنما يترشحان فى دائرتين مختلفتين، ويحشد كل منهما للآخر فى دائرته، حيث يجرى الحشد إما عن طريق الرشا الانتخابية، وهى جريمة قانونية، أو بالضغط النفسى والاقتصادى على تابعيه أسرياً، أو تبعية العمل، وهى جريمة سياسية، وهنا تكون إرادة الناخب إرادة معيبة لا تمثل مناطاً للإختيار الحر.

ثانى هذه العوامل، هو تفشى دور المال السياسى، سواء فى تخطى سقف الدعاية المقرر، أو شراء المترشحين، وقد جرى تجاوز سقف الدعاية فى ظل غياب آلية المراقبة والرصد الفاعلة، وغياب آلية المحاسبة، وعدم تفعيل المتاح منها، كما جرى وبنفس القدر شراء المترشحين، سواء المحترفين منهم، الذين يجيدون العمل السياسى بحكم الخبرة العملية أو الأكاديمية، أو صناعة النجوم، وتلميعها، وتقديمها للناخب.

ومن هنا كان عدم التكافؤ ما بين السياسى المحترف الذى تربى فى دهاليز المطابخ السياسية، الذى يحترم نفسه وتاريخه، وذلك السياسى الكرتونى الذى جرى صناعته فى معامل الاستنساخ البشرى الذى باع نفسه، وليس له تاريخ يردعه.

ثالث هذه العوامل حالة الخواء التى تعانى منها هذه الأحزاب، فمثلها كمثل البالون، تراها ضخمة، فإذا مسها دبوس فرقعت، ولا ترى لتضخمها أثراً ، سوى صوت الفرقعة، ذلك أن هذه الأحزاب لم تجد متسعاً من الوقت كى تنموا نمواً طبيعياً، تتبنى خلاله على أسس فكرية ومنهجية محددة، وفقاً لرؤية أيديولوجية معووفة، ويجرى فى مطابخها تربية الكوادر الحزبية المؤمنة بمبادئها، الداعية لها، المدافعة عن توجهاتها.

تلك الكوادر القادرة على سد أى فراغ سياسى ناشئ فى الدولة لسبب أو لآخر، أو ما يعرف فى السياسة الغربية باسم "حكومة الظل"، ولذا سنجد أن تلك الأحزاب الحاصلة على الأكثرية البرلمانية، التى من المفترض أنها، بحكم أكثريتها، تكتسح الإنتخابات المحلية، حكماً، تتسول المرشحين على قواعد المحليات.
ومن هنا يمكن القول باطمئنان بالغ أن سياسى هذا الزمان، هم سياسى الحمل الكاذب، بالإضافة إلى أن اعتماد النظام الفردى فى الانتخابات لا يكفل بناء حياة سياسية سليمة، لأنه لا يكفل تربية الكوادر السياسية اللازمة لهذا البناء.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة