إلى أى مدى تتحمل جماعة الإخوان المسؤولية عن العملية الإرهابية البشعة التى وقعت مساء الخميس الماضى ضد جنود جيشنا العظيم؟
هل توجد علاقة بين «الجماعة»، وبين «أنصار بيت المقدس»، وهى الجهة التى أعلنت مسؤوليتها عن العملية، وأعلنت مسؤوليتها عن عمليات سابقة؟
لا أطرح السؤالين من باب الاجتهاد، ولكنهما كانا أساس مناقشة تمت مع آخرين فى اليومين الماضيين، ففى موجة استقبال عامة الناس لمثل هذه العمليات الإرهابية تنضبط على أن المنفذ لها هم جماعة الإخوان، حتى لو أعلنت جماعات أخرى عن مسؤوليتها، وحتى لا يتصور البعض أن ذلك من صنع الإعلام، أقول أن هذه «الموجة» لا تستند فقط إلى وقائع تاريخية كقيام «الجماعة» باغتيالات لسياسيين مثل «النقراشى باشا» رئيس الوزراء عام 1948، وقبله المستشار أحمد الخازندار رئيس محكمة استئناف القاهرة، والأول كان لقراره بحل الجماعة، والثانى لأنه كان سينظر قضية إرهاب لها، ولا تستند فقط إلى محاولة فاشلة لاغتيال جمال عبدالناصر فى ميدان المنشية بمدينة الإسكندرية عام 1954، ولا لضبط تنظيم سيد قطب قبل أن ينفذ مخططه بتفجير كبارى وطرق عام 1965، وإنما لأن هناك حاضرا قريبا شاهد فيه الناس تحالفا واسعا قادته الجماعة فى الحكم.
مازال ماثلا فى الذاكرة صورة عاصم عبدالماجد وتهديده ببحور الدم، ومحمد عبدالمقصود وتكفيره لمعارضى محمد مرسى، وخيرت الشاطر وهو لا يرى إلا «الأقباط» فقط هم الذين يتظاهرون ضد محمد مرسى، مازال ماثلا فى الذاكرة صورة التدريبات العسكرية وحمل العصى والشوم لهؤلاء الذين كانوا يتدربون على اعتبار أنهم سيواجهون عدوا بعد ساعات، ما زال ماثلا فى الذاكرة دعوة «الجماعة الإسلامية» لتأسيس شرطة مستقلة وتجريبها فى أسيوط، مازال ماثلا فى الذاكرة عملية اختطاف الجنود فى سيناء، وتشديد مرسى على عدم إلحاق الأذى بالخاطفين، مازال مثلا فى الذاكرة القنوات الفضائية التى كانت تكفر المصريين ليل نهار، مازال ماثلا فى الذاكرة صورة وصوت محمد البلتاجى، وهو يقول إن الإرهاب سيتوقف فى سيناء فى 24 ساعة لو عاد مرسى إلى الحكم. هناك عشرات الأمثلة التى كانت تدعو إلى الإرهاب وتشجع عليه وتهيئ الفرصة له، وتعطى الشرعية له عبر تفسيرات سطحية لآيات من القرآن الكريم، هذه الأمثلة لم تجف بعد من ذاكرة الشعب المصرى، وكانت تدور جميعها بإدارة الإخوان، حتى لو أعلنت «الجماعة» براءتها منها، فماذا أدى ذلك؟
النتيجة أننا الآن أمام إرهاب أسود، والشعب المصرى أصبح على يقين أنه ليس هناك فرق بين «الإخوان» و«أنصار بيت المقدس» و«داعش» و«جند الله»، وأى تنظيمات إرهابية أخرى، فمن لا يحمل السلاح منهم، يقوم بتوفير الغطاء السياسى لهم، وفى ذلك لا تكون البيانات التى يصدرونها لإدانة للعمليات الإرهابية إلا مجرد ذر للرماد، وفى الإجمال تبدو المسألة أنها عملية توزيع أدوار.
كل ما سبق أن أكثر منه حاضرا عند المصريين كما سمعته وتناقشت حوله مع آخرين فى اليومين الماضيين، ولهذا أتعجب مما تتصوره جماعة الإخوان بأنها لو عادت فستجد رصيدا شعبيا.