لماذا اعتبر كثير من السياسيين ترشح أحمد عز فى انتخابات البرلمان زلزالًا ضد ثورة 25 يناير ومكتسباتها؟ ولماذا اعتبر بعضهم ترشحه تهديدًا للتحالفات الثورية والسياسيين المستقلين والشباب وفرص المرأة فى الانتخابات "رغم وجود كوتة"؟ ولماذا أيضًا ارتفعت الأصوات المحتقنة التى تدمن الظهور الإعلامى تطالب بإبعاده بالقوة أو بالذوق؟
الأسئلة كثيرة جدًا، ليس حول ترشح أحمد عز للبرلمان، فمن حق أى أحد يستوفى الشروط القانونية أن يتقدم للترشح مادامت الكلمة الأخيرة للشعب، للناخبين، لصناديق الانتخابات التى نسعى أن تكون شفافة ونزيهة ولا سلطة لأحد عليها، لا الدولة ولا الثوريين ولا المرشحين المستقلين ولا القوائم التى أدخلتنا فى حسبة برما.
ولماذا هذا الرعب من أحمد عز، رغم أننا نعرف أن فرصه فى الفوز ضعيفة بحسب المرعوبين؟ لماذا ننادى بالديموقراطية فى الوقت الذى نتعامل فيه بمنطق الأولتراس، نشعل الشعارات الأشبه بالشماريخ، ونهاجم المؤسسات والدستور الذى وضعناه بأنفسنا، ونطلق النار على البناء الذى شيدناه؟
ما الذى نريده بالضبط للدولة المصرية؟ نريدها دولة مؤسسات حقيقية، تراعى الدستور وتلتزم به، أم نريدها دولة حسب المزاج، النهاردة ديموقراطية، وغدا فاشية، وبعد غد دولة لا مكان فيها للاختلاف كفكرة أو وجود على الأرض؟ لماذا لا نترك عز وجميع نواب الحزب الوطنى للناس؟ ولماذا لا ننزل نحن إلى الناس ونضمن ثقتهم فينا والتفافهم نحونا؟
كلما زادت موجة الغضب الكاذب والرعب السياسى من ترشح أمين تنظيم الحزب الوطنى السابق، شعرت بالقلق على مستقبل الحياة السياسية فى البلد، وعلى الأحزاب والسياسيين الذين يريدون انتخابات داخل مكاتب احزابهم، ولا يعرفون الطريق إلى ثقة الناخبين، ويعوضون ذلك بالشعارات الحنجورية التى تجرهم وتجر البلد إلى مصير سياسى يتحول كل فصيل فيه إلى " داعش" على طريقته
أريد أن ينظر كل المرعوبين من ترشح أحمد عز فى مرآة صافية، وأن يجيبوا عن أسئلة مثل : هل يمكن أن يراهن الناس على أحمد عز من جديد؟ وإذا فعلوا فمن المسئول، عز أم الفاشلون فى الوصول إلى الناس ؟ عز أم القابعون فى مكاتبهم والمشغولين بالبيانات الإعلامية فقط ؟ عز أم الذين لا يعرفون القرى الأفقر فى الصعيد ولم يزوروا العشوائيات فى القاهرة والدلتا، ولم يراهنوا على مواطنين يسكنون فى المقابر؟
أريد أن يدلنى أحد على مصير السياسى المرعوب من خصمه والمرعوب من الجماهير والمرعوب من فشله والمرعوب من افتضاح أمره بإعلان ثقله الحقيقى ؟ إذا وصل أمثال هذا السياسى إلى البرلمان، فماذا سيشرعون لنا، وإذا لم يصلوا فماذا ستكون خياراتهم غير الفاشية والتطرف والإقصاء ؟! وهل سيختلفون فى شيء عن دعاة غزوة الصناديق ؟