حينما تغلبنا الحماقة ويعمينا الغباء يصبح من الطبيعى أن تحاصرنا الكوارث. فيموت الآلاف فى حوادث الطرق ويستشهد المئات بسبب الإرهاب ويموت العشرات فى مباراة لكرة القدم. فانتشار الغباء فى مجتمع يجعل حياة الناس رخيصة. فمن نجا من حماقة نفسه مات بحماقة الغير. الأمر أشبه بالنيران الصديقة تصيبك من أقرب الأغبياء إليك، فمعظم حوادث المرور بسبب نوم السائق أو رعونته أو استهتاره وكلهم من الغباء وكل مصائب الإرهاب بسبب انحراف دينى أو جشع سلطوى أو فكر فاسد وكلهم غباء، والذين ماتوا لمشاهدة مباراة كرة أيضًا حاصرهم الغباء، فكيف يتم تمرير قرار حضور المشجعين لمباريات الكرة رغم تحذيرات وزير الداخلية والمؤسسات الأمنية بأن المناخ غير ملائم وبأن حالة الانقسام السياسى والخلاف قد تصنع مذبحة فى أى ملعب. وكيف يتم الضغط وعودة المتفرجين بدون الالتزام بأى من الضوابط الأمنية التى تم الاتفاق عليها، فأين كاميرات المراقبة وأين المساحات الواسعة بين الأبواب وأين تنظيمات السلامة والأمن. وهؤلاء الشباب والمراهقون أين عقولهم فى التجمهر أمام باب الاستاد بهذا الشكل الهمجى ومحاولتهم للدخول بالقوة والعراك مع الأمن. وأين مسؤولية الأمن فى التعامل الرشيد مع الشغب فالنتيجة فى النهاية أن هناك العشرات ماتوا بسبب هروبهم فى مواجهات أمنية. نعم أخطاء الشباب والمراهقين بلا شك إلا أن ذلك ليس مبررا كافيا لقتلهم بأى وسيلة ولو بالتدافع.
وللأسف لم تقف الحماقات عند حدوث الكارثة بل تعدتها للتفسير والتأويل. فلا يمكن أن ترمى الدولة كل أخطائها على شماعة الإرهاب والإخوان والأيادى المندسة واللهو الخفى. فحنق الشباب وغضبهم واضح لا يحتاج إلى توجيهات إخوانى أو تمويل إرهابى فنحن أمام الملايين من الشباب والمراهقين الذين حصلوا على تعليم متدنٍ فقير فى مدارس أشبه بمزارع الدواجن، خرجوا منها بلا فكر أو علم أو تأهيل إلى مجتمع بخيل فى الموارد والفرص فلا وجدوا عملا ولا شعروا بأمل بل مجرد وعود وكلام وأنين لذلك فهم قنابل مشتعلة بالفعل وليست قابلة للاشتعال كما يصفها المتخصصون، فلا الإخوان ولا الإرهاب قادرون على تحريك هذا الكم من الشباب فى مختلف الأعمال التخريبية بل هو الغضب والإحباط والفراغ وكره المجتمع. وسواء اتفقنا أو اختلفنا حول عقابهم فإن الغضب دائما هو عقاب الجميع.