عندما قرر الإخوان اختيار اللواء محمد إبراهيم وزيرا للداخلية فى أوائل عام 2013 خلفا للواء أحمد جمال الدين، الذى رفض إطلاق الرصاص على المتظاهرين أمام الاتحادية، والرجل أحيطت حوله دوائر الشك والأسئلة الباحثة عن إجابات، عن سر اختيار وزير داخلية قادم فوق «سرج» حكومة إخوانية، واستعرت حينذاك نار الأسئلة، من ألسنة لهيب الغموض، حول شخصية اللواء محمد إبراهيم، الذى لا يتمتع بأى شهرة بين زملائه الضباط، فما البال بالمواطن العادى؟ ودارت الأسئلة عن انتماء الرجل السياسى، رغم أنه من المفترض أن المؤسسات الأمنية تعمل باحترافية ولصالح الوطن أيا كان انتماء نظام الحكم، وكانت الإجابة تصب معظمها فى خانة أن الرجل إخوانى الهوى، وأن لولا تمتعه بهذا الشرط ما كان له أن يحمل حقيبة الوزارة السيادية فى عهد الجماعة الإخوانية.
اختيار وزير الداخلية الحالى، تم بطعم ونكهة إخوانية، وسط رفض ومعارضة معظم قيادات وضباط الشرطة، واستمر فى منصبه حتى الآن، ومن خلال تقييم حيادى قائم على الشفافية والمعلوماتية، ورصد دقيق لكل قراراته ومعالجته للأزمات العديدة السابقة، تكتشف أنها تصب فى صالح جماعة الإخوان، نتيجة المعالجات الأمنية الخاطئة، وبشكل نمطى يعود إلى زمن «العسس» إبان دولة المماليك، وتستشعر أيضا أن وزير الداخلية لم يستطع حتى الآن الإمساك بكل خيوط وزارته، وقدرته على فرض أفكاره الأمنية، مما قلل من هيبته بين ضباطه، فالقائد الناجح لكى يتمكن من قيادة مرؤسيه لا بد أن يتمتع بقدرات إبداعية تدهش رجاله، وتقنعهم بأنه يتفوق عليهم.
ونظرا للمعالجات الخاطئة لكل الأزمات الأمنية السابقة، ومن بينها أزمة استاد الدفاع الجوى، الذى راح ضحيته العشرات من جمهور «الوايت نايتس» كان لا بد من وقفة ووضع حد لهذه المعالجات الأمنية الكارثية والإطاحة بهذا الوزير من منصبه.
مصادر قوية وذات صلة بمطبخ صناعة القرار أكدت لى أن الحكومة ناقشت بشكل جدى الإطاحة بوزير الداخلية، خاصة فى ظل تراجع الوضع الأمنى والسخط الشعبى ضده، وأن المرحلة المقبلة تحتاج إلى الدفع بدماء جديدة تعيد الحيوية للشرايين الأمنية التى بدأت «تتيبس» وتنسد، إلا أن زيارة الرئيس الروسى فلاديمير بوتين أجلت هذا الطرح المؤقت.المصادر قالت لى أيضا إن الحكومة تضع سيناريوهين لإقالة وزير الداخلية، الأول، مطالبته بتقديم استقالة لحفظ ماء الوجه، والثانى، الإطاحة به ضمن تعديل وزارى محدود سيشمل ما بين 3 إلى 4 وزارات خدمية.
إذن، وحسب المصادر والمعلومات، هناك نية لاستبعاد وزير الداخلية وضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، الدفع بعنصر أمنى قادر على مجابهة الأوضاع الأمنية التى تسوء تدريجيا، والحفاظ على التماسك الأمنى وتقويته قبل استفحال خطر تفككه، وامتصاص غضب الشارع ووأد حالة الاحتقان بين عدد من القوى الاحتجاجية وروابط الألتراس ضد «الداخلية»، بجانب أن القرار سيعطى قوة سياسية للحكومة والنظام.