ماذا لو كان قاتل الطلاب الثلاثة فى نورث كارولينا مسلما؟. لم يكن الإعلام هناك يصمت، وكان سيحوله إلى جريمة كراهية دينية ويربطها بالإرهاب. هذا ما بدا من تعليقات المسلمين وغيرهم ممن رأوا أن الاهتمام بالجريمة لم يكن بنفس القوة لو كان القاتل مسلما. ومن قالوا هذا الكلام هم أيضا وقعوا فى نفس الشرك وحولوا القضية إلى نوع من الطائفية والدين، ولم يعد التعامل مع المجنى عليه لمجرد أنه إنسان يستحق الحماية.
القاتل كريج ستيفن نشر رسائل مناهضة للدين على صفحته بالفيس بوك، لكونه ملحدا، قبل أن يقتل الطلاب الثلاثة ضياء بركات، وزوجته يسر وشقيقتها رزان محمد أبو صالحة بطلقات فى الرأس، وهو ما بدا جريمة كراهية، لكن زوجته ومحاميه قالا إنه قتلهم بسبب خلاف على ركن السيارات، مع صعوبة تصور أن يكون الخلاف فى ركن السيارات سببا لقتل ثلاثة تشهد جامعاتهم أنهم ليسوا من مفتعلى المشكلات، ويسعى دفاع المتهم لتصويره على أنه مختل ويحتاج لعلاج نفسى، بينما يروج آخرون لكون الجريمة بسبب فوضى السلاح فى أمريكا والتى تودى بحياة الآلاف سنويا. كل هذا محاولة لإبعاد الجريمة عن كونها دينية، مع أنهم لم يستطيعوا نفى كون المتهم متعصبا فضلا عن كونه اختار ضحاياه من المسلمين.
بالطبع فإن العداء للمسلمين يصعد مع الأحداث الإرهابية ولا يفرق المعادون بين متدين ومتعصب ومعتدل. لكن عدوى التعاطف على الهوية أصبحت مرادفا للقتل على الهوية، وفقد كثيرون حسهم الإنسانى وسط انتشار التعصب، والدعاية والتركيز الإعلامى فى الغرب على كل ما هو متطرف ومتعصب، ونفس الإعلام فى الغرب يركز على الدواعش والمتعصبين، بل ويساندهم حقوقيا فى مواجهة بلدانهم طالما لا يمارسون العنف ضده، ويتجاهل الأصوات الطبيعية من المسلمين الذين يمثلون أغلبية.
الغرب وأمريكا ليسوا المجتمعات المثالية التى يسوقونها فى السينما والإعلام، بل جماعات تحمل داخلها الكثير من التناقضات، بعضها يرجع لإرث استعمارى متعالى، لا يرى سوى قالب واحد للديمقراطية، تحمل الكثير من ميكروبات التعصب والازدواجية والنفاق فى التعامل مع الآخرين.
الازدواجية والنفاق تجعلا قطاعا فى الغرب ينتفض مع فرنسا عندما يرتكب إرهابيون اعتداءً على مجلة شارلى إيبدو، بينما يغض الطرف على كل أنواع الإرهاب ضد غير الأوروبيين أيا كانوا.
انتقلت هذه العدوى العنصرية إلى بعض ممن يريدون مواجهة العنف، فيصرخون أنهم قتلوا لأنهم مسلمين، وأصبحت بعض الديمقراطيات الغربية والأمريكية تمارس الازدواجية والنفاق. تتجاهل الإرهاب هنا وتنتفض مع أقل منه لديها. وقد صدروا لنا نفس الازدواجية والنفاق والتعاطف على الهوية.