أكرم القصاص

كل هؤلاء الخبراء فى الطيران!

الإثنين، 16 فبراير 2015 07:33 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
خلال الأيام الأخيرة ومنذ الإعلان عن صفقة طائرات الرافال الفرنسية لمصر، لم تتوقف المناقشات والمجادلات على مواقع التواصل الاجتماعى تأييدا أو رفضا للصفقة، ولا مانع من مثل هذه المجادلات التى يفترض أن الهدف منها هو الفهم والمعرفة والوصول لفكرة ما عما يجرى. والملاحظ أن هناك فريقين فى هذا الجدل، الفريق الأول يعتبر الصفقة انتصارا مهما وخطوة جيدة، بينما فريق آخر يرى الصفقة خطأ، وأن الطائرات الفرنسية مرتفعة الثمن، وأن فرنسا عجزت عن تسويقها من سنوات، وطبعا الإخوان وقنواتهم فتحت النار باعتبار أنها لا بد أن تقف ضد أى شىء حقا أو باطلا، رأى آخر جاء من منظمات حقوقية تلوم على فرنسا منح مصر طائرات أو فرقاطة أو أسلحة متطورة، وهو أمر يناقض أراء ترى الطائرات بلا قيمة.
النتيجة أننا أصبحنا أمام وجهات نظر كل منها يعتمد، فى تأييده أو رفضه، على مقال أو أكثر أو مجرد عناوين حصل عليها من «جوجل» أو من «فريندز» على فيس بوك وتويتر، ومنهم من يريد «الريتويت أو اللايك»، وأصبحنا أمام خبراء فى الرافال والميراج والفانتوم والميج يعقدون مقارانات استراتيجية، كأنهم ولدوا وترعرعوا فى صناعة الطيران. وهو نفس ما نراه مع كل حدث أو ظاهرة، أحكام وقرارات لا تحتمل الشك، بينما فى كثير من الأحيان تكون الأراء جزءا من دعايات للشركة أو دعايات مضادة من منافسيها، وتتحول هذه المناقشات إلى جدل عقيم هدفه ليس الفهم، وإنما إثبات خطأ الطرف الآخر، وهى ظاهرة لا تتوقف فقط على الطيران، وإنما تمتد لشؤون الاقتصاد والسياسة، حيث يتحدث كل طرف على أنه العليم ببواطن الأمور، وأنه وحده صاحب الرؤية الأعمق، بينما الحقيقة أنه جدل يمتد كله فى حدود جوجل، حيث الأرشيف المتوافر من المواد، وغالبا ما يستند البعض فى ظل الاستعجال والرغبة فى المشاركة إلى أقرب الأراء التى تؤيد وجهة نظره. بينما يفتقد هؤلاء إلى التواضع والرغبة فى المعرفة بعيدا عن الاستقطاب الذى يحول كل طرف إلى التراسل لا يهمه غير إثبات خطأ منافسه، ولا يأخذ البعض فى اعتباره أن ما يتعلق بالشؤون الصناعية والعسكرية هناك أسرار ومعلومات ربما تكون غائبة، فضلا عمنا قلنا إنه منافسة وجدل صناعى.
ربما علينا أن نشكر «جوجل» لأنه منحنا كل هؤلاء الخبراء فى الطيران أو فى الطب أو فى الاقتصاد، وليس فى هذا عيبا، بل هو نوع من ديمقراطية المعرفة، لكنه يمنح البعض يقينا زائفا بالمعرفة، ويقلل من طرح الأسئلة، لصالح تقديم إجابات جاهزة قد تكون مريحة، لكنها تثير الشك فى كونها من طرف واحد.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة