أكرم القصاص

الاستراتيجية جملة وقطاعى!

الأربعاء، 18 فبراير 2015 07:36 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا يظن عاقل أن الضربات التى جرت من مصر لداعش ليبيا هى النهاية، بل ربما كانت البداية. نحن أمام واقع معقد وخصوم متعددون، لكن العدو الأخطر هو أنفسنا، وبعض من يعيشون بيننا، ويمارسون عملية التضليل عمدا أو بحسن نية.

لم يكن ما جرى من إرهابيى ليبيا مفاجئا للشخص العادى الذى يتابع ما يجرى فى ساحتنا الغربية، وما يدور من سنوات فى ليبيا، الذى يرتبط بما يجرى فى باقى دول المنطقة ويكشف عن الترابط والاتصال المباشر وغير المباشر، فقد تم إسقاط نظام القذافى، وترك ليبيا نهبا لجماعات متصارعة، فضلا عن تحويلها إلى معسكرات تدريب مفتوحة، ومقرا لكل أنواع الإرهابيين من أنحاء العالم، ومكانا لكل أجهزة المخابرات فى العالم، مع كميات لا محدودة من السلاح، وأموال بلا صاحب.

الأمر فى حاجة لطرح أسئلة، ومحاولة البحث عن أجوبة، لكن ما نراه من شهور هو طرح إجابات جاهزة عن أسئلة غير مطروحة، وتقديم وجهات نظر نهائية لا تحتمل الشك. خبراء من كل نوع يقدمون أراءهم باعتبارها الحل النهائى الذى لا يأتيه الباطل من أى جهة، لو افترضنا أن صاحب القرار استمع لكل هذه الأراء، ما استطاع أن يتخذ قراره، فنحن أمام أراء ظاهرها الاستراتيجية، وباطنها التشويش والنقل والقص واللصق.
قبل يوم واحد مما جرى فى ليبيا تحدثنا عن زحام الأراء التى تناولت الطائرات الفرنسية رافال والصفقة، وكيف أصبحنا أمام خبراء فى الطيران يشككون أو يؤكدون، وإذا بنا أمام عشرات من خبراء الطيران الافتراضيين، مع أنهم لا يعرفون شيئا عن الطائرة الورقية.

نفس الأمر بحذافيره مع الحال فى ليبيا، من كان يشكك فى إمكانية اتخاذ رد فعل، وهو نفسه يتخوف من الضربات ويقول: إننا نتورط فى حرب، ويقول الشىء وعكسه فى نفس الوقت، من دون أن يدع القرار لصاحبه، ولا يوجد فى العالم كله صاحب قرار يتخذ قرار الحرب على الهواء، ويشرح خططه وخطواته للكسالى والمتنطعين على كنبات التواصل الاجتماعى، ممن يتحدثون فى الاستراتيجية فشر جنرالات البنتاجون، بينما لا يغادرون أماكنهم، ويعتمدون على رأى هنا أو هناك من دون تفكير.

نحن أمام حالة من الاستسهال والتبسيط وعدوى التحليل الاستراتيجى بالقطاعى، يشبه الكلام، لكنه مجرد طبل أجوف، بعضها يستند إلى أراء محللين أجانب، ونحن نعرف مدى احترام البعض لأى رأى منقول من ترجمة أيا كانت ركاكتها أو سطحيتها، وتستمد أهميتها من رنين أسماء مترجمة مجهولة أو نصف المعلومة، والنتيجة أننا أمام تحاليل استراتيجية بالقطاعى، لا تعترف بأن هناك متخصصين أو عارفين، فقط تصنع حالة «التوهان الاستراتيجى».





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة