محمد فودة

محمد فودة يكتب.. حادث ليبيا والإرهاب

الأربعاء، 18 فبراير 2015 08:03 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ما أسهل أن نجلس أمام شاشات الفضائيات ونتابع ما بها من برامج وننفعل لتلك الأخبار التى تطل علينا من هنا وهناك، وما أسهل أن نغضب ونصرخ بأعلى صوتنا مطالبين بأن تشهر مصر سيفها وتنشر قواتها هنا وهناك من أجل القضاء على هؤلاء القتلة والسفاحين من تنظيم داعش ومن على شاكلتهم الذين قتلوا أبناءنا فى ليبيا بشكل لم نكن نعهده من قبل، إنها دعوات متزايدة وانفعالات لا حدود لها تتناقلها الشاشات وشبكات التواصل الاجتماعى عبر الإنترنت.

أعلم أن المصيبة كبيرة وخبر قتل الأبرياء أوجع قلوب جميع المصريين وليس أسر هؤلاء الأبرياء فقط، وأعلم أيضًا أن مهام الحكم وأمور السياسة لها شأن آخر فى مثل هذه الحالات، شأن لا يعترف بالعواطف ولا يؤمن بردود الأفعال الوقتية، فما أسهل أن تعلن مصر الحرب على الإرهاب فى ليبيا ولكن هذا القرار ما يجب أن يكون أبدا فى لحظة انفعالية، فقرار على هذا النحو من الأهمية والخطورة يجب أن نتركه لقيادتنا السياسية لدراسته من كل الجوانب بعيدًا عن الاندفاع العاطفى.

قد يكون رأيى مختلفا عن الاتجاه العام لدى الغالبية العظمى من المتابعين لهذا الحادث المأساوى الذى أحزن الجميع، لأننى أرى أنه من الضرورى ألا نمارس ضغوطا نفسية على القيادة السياسية فى مثل تلك اللحظات الحاسمة فى عمر الوطن، كما يجب أن نكون على يقين بأن الرد سيكون قاسيا وموجعا لتلك التنظيمات الإرهابية الحقيرة التى تمارس أبشع أنواع الحوادث اللا آدمية، ففى مثل تلك الحوادث الإجرامية تقتل كل المشاعر الإنسانية، فمن قتل نفسًا بغير ذنب كأنما قتل الناس جميعا.

لقد أحسن الرئيس السيسى صنعا بقراره الفورى الذى اتخذه عقب الإعلان عن مقتل المصريين الأبرياء على يد داعش فى ليبيا بإعلان الحداد لمدة أسبوع وتوجهه إلى الكاتدرائية لتقديم واجب العزاء للبابا تواضروس فى هؤلاء الضحايا، كما كانت دعوته لمجلس الدفاع الوطنى للانعقاد الدائم هى عين الصواب، وأعتقد أن الضربة الجوية التى قامت بها قواتنا المسلحة على معسكرات ومخازن أسلحة داعش بليبيا بداية لمرحلة جديدة من التحرك الفعلى لمكافحة الإرهاب، وفى تقديريى أن هذه الضربة لن تكون الأخيرة، حيث تُرجم بشكل عملى ما قاله الرئيس بأن مصر تحتفظ بحقها فى الرد بالكيفية وبالطريقة التى تراها وفى التوقيت المناسب أيضًا.

إننا على يقين تام بأنه لا يوجد مواطن يعيش على أرض مصر سواء كان مصريا أو مسيحيا لم يعتصر قلبه حزنا على هؤلاء الأشقاء المصريين الذى راحوا ضحية الغدر والخسة فى ليبيا على يد هذا التنظيم الذى للأسف الشديد يحتمى وراء ستار الدين الإسلامى والإسلام السمح منه براء، نعم لقد أوجع قلوبنا جميعا فمصر عن بكرة أبيها لم تنم ولم يغمض لها جفن فى تلك الليلة التى اتشحت فيها المحروسة بالسواد حدادا على أرواح هؤلاء الأبرياء المصريين، وأقول المصريين وليس المسيحيين، لأننا فى أوقات المصائب والشدائد يجب ألا نقول هذا مسلم وذاك مسيحى فكلنا مصريون وكلنا مستهدفون من هذا التنظيم الإرهابى.

وعلى الرغم من كل ذلك فعلينا أن نتحلى بالصبر وأن نثق ثقة مطلقة فى أننا قادرون على فعل الكثير والكثير سواء فى الداخل أو فى الخارج، ولكن ليس بأسلوب الهتاف والتشنج والقول مطالبين «انتقم يا ريس».. «اضرب ياريس» ففى هذه الأجواء سيجد صاحب القرار نفسه أمام ضغوط الرأى العام أو بمعنى أدق أمام انفعالات الرأى العام، وقد يدفعه ذلك إلى اتخاذ خطوة قد تضر بأمننا القومى، وهذا ليس فى صالحنا ولا يليق بدولة كبيرة فى حجم مصر.. القرار ليس بالسهل كما يتصوره البعض، وبالطبع فإن للقيادة معطياتها وحساباتها فهى تعرف متى تنتقم وكيف تنتقم، وحتى نكون صرحاء مع أنفسنا فإننا بالفعل فى حالة حرب، حرب شرسة فى سيناء يخوضها جيشنا الباسل من أجل القضاء على الإرهاب الذى تسلل داخل حدودنا على يد هؤلاء الخونة الذين حكموا مصر على مدى عام كامل وكادوا يمزقون الوطن ويفتتون قوته من أجل تنفيذ مصالحهم الخارجة مع دول تآمرت وما تزال تتآمر على أمننا القومى، كما أننا نخوض حربًا أخرى فى الداخل ضد أنصار تلك الجماعة الإرهابية المستبدة ممن استحلوا دماء الأبرياء وصاروا يزرعون قنابلهم وعبواتهم الناسفة بين المدنيين فى مناطق متفرقة من أجل إثارة الرعب والفزع فى قلوب الأبرياء وذلك للوصول إلى هدفهم الأهم وهو زعزعة الاستقرار الداخلى وبث الفرقة بين المصريين وإثارة الرأى العام فى الداخل والخارج أيضًا ضد الجيش والشرطة بل وضد القيادة السياسية التى التف حولها الشعب فى أحلك الأوقات ومنحها تفويضا مفتوحا لمحاربة الإرهاب والقضاء عليه واجتثاثه من جذوره.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة