إذا تأملت أعضاء الخلية الإرهابية الذين أمسكت بهم الشرطة، أمس، سيعتريك حزن شديد، وإذا أنصت إلى اعترافاتهم سيغمرك أسى جليل على هذا الشباب الصغير!
لماذا الحزن؟ ولماذا الأسى؟
قبل أن أشرح، علينا توجيه التحية إلى جهاز الأمن الوطنى الذى توصل إلى هؤلاء المجرمين الذين أحرقوا بنك الإمارات دبى الوطنى يوم 2 فبراير الجارى فى الهرم، وكلى أمل أن يسعى الجهاز إلى الكشف عن العمليات الإرهابية قبل وقوعها.
أما لماذا الحزن والأسى؟ فذلك لأن ملامح الشباب الذين اعترفوا بكيفية إحراق البنك بالمولوتوف توضح أنهم طلاب فى الجامعات أو المعاهد، وأنهم ضحايا الجهل والتخلف، وأنهم أضاعوا مستقبلهم دون أن يطالعوا كتابًا أو ينصتوا إلى رأى مخالف لما اعتنقوه.
أجل.. خدعهم الإخوان والسلفيون بكلام معسول عن الدين والخلافة، فسقط الشباب الصغير فى مستنقع العنف (أفتح هذا القوس لأوضح لك أن ملامح أى واحد من هؤلاء المساكين تؤكد أن عمره لا يتجاوز 22 عامًا).
لكن قبل أن ندين هؤلاء الطلاب علينا توجيه الإدانة إلى منظومة التعليم فى مصر.. هذه المنظومة التى سيطر عليها أصحاب الأفكار المتخلفة سواء فى معاهد الأزهر وكلياته أو فى المدارس الحكومية، واحتشدت مناهجنا بأراء وتفاسير تكره الآخر وتلعن المخالف فى الدين أو الرأى أو الملة، وتبشر بدولة الخلافة!
لكنك لا يمكن أن تدين منظومة التعليم دون أن تدين الظلم الاجتماعى الذى يحيق بملايين المصريين منذ عقود، فنظام مبارك تفنن فى إفقار المصريين، وأذلهم بالعوز والمرض والجهل، هذا النظام الغبى الذى لم يعرف أن يحافظ على سلطاته هو الذى سمح للإخوان والسلفيين وتجار الدين كلهم بالتوغل فى أحشاء المجتمع المصرى.. يدمرون عقول الشباب ويخربون الجهاز النفسى لشعب بأكمله!
لم يأت أبناء المولوتوف إذن من فراغ.. إنهم حصاد مُر لسلسة بائسة من الفقر والمرض والتخريب المنظم للعقول، وبدلا من أن يلتفتوا لدروسهم فى الجامعة بحثوا عن الطرق المؤدية إلى المولوتوف والنيران، ظنا منهم أنهم بذلك ينصرون الدين الإسلامى الحنيف!
لا مفر من ثورة كبرى تطهر المناهج من خزعبلات العصور القديمة.. وما أكثرها!