عند الحديث عن مصر وإندونيسيا فى إطار التاريخ, يبدو أنه من الصعب أن نبتعد عن الزعيمين اللذين عاشا خلال الفترة نفسها. كان بمصر الزعيم جمال عبدالناصر، الرئيس الثانى لمصر فى عهد الجمهورية فى الفترة من 1954 إلى 1970، فى حين كان فى إندونيسيا الزعيم سوكارنو، أول رئيس للجمهورية، والذى أعلن عن استقلال إندونيسيا فى عام 1945. فكلاهما صديقان مقربان، ولهما شىء بارز ومشترك فى أعين شعبيهما، وهما الاثنان محبوبان من قبل شعبيهما.
وعلى الرغم من أنه لا يزال هناك البعض من الناس الذين لا يحبون بعض سياساتهما، لكن معظم الشعب فى كلا البلدين يتذكر أنهما زعيمان قريبان إلى شعبيهما، وكل منهما أحب شعبه، وكافح لمصلحته، وهذا الانطباع تتذكره الشعوب جيلًا بعد جيل، وكلاهما قدوة ومصدر إلهام لكثير من القادة الذين جاءوا بعدهما.
على الأقل، هناك ثلاثة عوامل لماذا لا يزال الزعيمان يُذكران ولماذا هما محبوبان من قِبل شعبيهما حتى الآن. أولًا، كان للزعيمين أسلوب مشترك فى تولى أمور الدولة، واهتمامهما بالطبقة الشعبية البسيطة هى السمة المميزة عند وضع سياساتهما، وعلى سبيل المثال فإن رؤية الزعيم عبدالناصر كما وصفتها رباب المهدى فى مقال لها «قامت على ما يسمى التنمية المستقلة، وتوزيع الثروة عن طريق الإصلاح الزراعى والتأميم»، أما الزعيم سوكارنو فله فلسفته الاقتصادية السياسية التى تدافع عن الطبقة البسيطة المشهورة فى إندونيسيا بـMarhaenism، فسياسة كل منهما ترفض تحرير الاقتصاد، وتشدد على أهمية حضور الدولة أو الحكومة فى مفاصل الحياة، خاصة المجالات التى تؤثر على مصالح الشعب.
ثانيًا، حياتهما المتواضعة إذا قورنت بحجم مستوى معيشة الرؤساء والزعماء فى ذلك الوقت، وتواصلهما بالشعب بشكل طبيعى جدًا وعادى. فهذا ليس بغريب، لأن فى خلفيتهما أنهما ولدا من أسرة بسيطة، وتشكلت لديهما وجهة نظر قريبة إلى الشعب، ودائمة الاستماع إليه.. الاتصالات المفتوحة بالشعب جعلت الشعب فى كلا البلدين يشعر بأن زعيمهم قريب جدًا إليهم، وعلى الرغم من أن حياتهما توصف بالمتواضعة على المستوى الشخصى أو العائلى فإنهما لا يزال يظهران بكل الهيبة والشخصية.
ثالثًا، الزعيمان عبدالناصر وسوكارنو كانا يحملان رؤية مشتركة عن أهمية استقلال الدول التى مازالت تحت حكم الاستعمار، لأن كل دولة لديها الحق فى أن تكون مستقلة وذات سيادة. وفى كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1960، وموضوعها «بناء عالم جديد» قال الزعيم سوكارنو: «إن الحقوق الثمينة لكل الدول الوليدة هى الاستقلال والسيادة». حبهما لتشجيع الدول التى مازالت تحت حكم الاستعمار لتتمكن من الحصول على الحرية والاستقلال جعلهما من الشخصيات المهمة فى مؤتمر آسيا وأفريقيا بباندونج الإندونيسية عام 1955، والذى أدى إلى تشكيل حركة عدم الانحياز فى عام 1961 فى بلجراد اليوغسلافية.
العوامل الثلاثة أعلاه هى السبب وراء حب الشعب فى كلا البلدين تجاه زعيميهما، لكن الشىء الأهم بالنسبة لنا الآن هو أن نأخذ الأمور الإيجابية التى ورثناها من أسلافنا لنستخدمها ونستغلها فى تنمية بلدينا، ولتكون إندونيسيا ومصر دائمًا رائدتى الأمة، متقدمتين ومزدهرتين.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة