الضربات التى وجهها جيشنا المصرى لتنظيم داعش فى ليبيا بعد جريمة ذبح المصريين شفت غليلنا جميعًا، لكن لا يمكن اعتبارها الحل الوحيد لإنهاء مشكلة وجود المصريين فى ليبيا.
والجهود الحكومية المتسارعة بإقامة جسر جوى من تونس لإجلاء المصريين فى ليبيا تؤكد أن حكومتنا على مستوى الحدث، وتعمل بجد فى خدمة المواطنين، لكن جهودها هذه لا تستطيع العبور بأزمة المصريين على الأراضى الليبية إلى بر الأمان.
لابد أن نعترف بوجود ما يقارب ثمانمائة ألف مصرى على الأراضى الليبية، وكثير منهم دخلوا ليبيا بطريق غير شرعى، ويستقرون فى مناطق متفرقة، والقليل منهم فقط هو من يريد العودة ويستجيب للنداءات والعروض الحكومية المتكررة بضرورة مغادرة الأراضى الليبية لزيادة المخاطر على أرواحهم.
ولابد أن نعترف بأن الكثير من المصريين الذين لا تقترب منهم نيران الاشتباكات، يعيشون فى ليبيا باطمئنان زائد، ويتجاهلون كل الدعوات الرسمية لعودتهم عن طريق تونس، ويطمئنون أسرهم فى القاهرة بدعوى أن الصورة المنقولة لنا عن ليبيا ليست حقيقية ماداموا يستطيعون إرسال مزيد من الأموال لعائلاتهم فى الصعيد والدلتا، وما دامت الرصاصات الغادرة لم تقترب من أماكن سكنهم، فما العمل؟
السؤال الكبير الذى يجب أن نفكر فيه، كيف نضع فى أذهان هؤلاء المواطنين المصريين فى ليبيا أن إقامتهم هناك قنبلة موقوتة إن لم تنفجر اليوم فستنفجر غدا؟ كيف نقنعهم بأن يعودوا حتى لو كانت مصادر الرزق والعمل مازالت متاحة واسعة اليوم، فالغد ملىء بالمخاطر والمفاجآت، وليبيا كلها ميدان حرب لكثير من الأجهزة الاستخباراتية الغربية؟
الكنيسة عليها دور كبير فى التنبيه على جميع الأسر المسيحية بأن تسترد أولادها المغتربين هناك، وأن تتولى منعهم من المغادرة مرة أخرى، وأن تقدم حصرًا دوريًا للأقباط الموجودين فى ليبيا بصورة شرعية أو غير شرعية، وعدد من عاد منهم، وموقف الباقين هناك بالتعاون مع السلطات المصرية المعنية.. أيضًا، على الحكومة وأجهزتها المعنية أن تتسامح فى هذه الظروف مع من غادروا إلى ليبيا من غير القنوات الشرعية، وأن تسمح بعودتهم برًا عبر منفذ السلوم، دون ملاحقة أمنية، مراعاة للظروف والمخاطر الراهنة، وحتى لا نفاجأ بأن المصريين فى ليبيا محاصرين بين خوفهم من الدواعش الليبيين، ووقوعهم فى قبضة الأمن حال عودتهم.
علينا التفكير من خارج الصندوق إذا أردنا استعادة أبناءنا المغتربين فى ليبيا، وعدم استغلال الإرهابيين لوجودهم هناك.