اتسعت كنيسة العذراء بالعور لما ضاق به صدر الوطن والمنطقة، الزهو يظهر من خلف الدموع، والوطن فى العينين، عمائم أزهرية بيضاء، وقلونسوات كهنة سوداء، شباب وشابات، كهول.. شيوخ.. أطفال، العذراء تضم وليدها، مار مرقص يتخطى الحدود الليبية قادما إلى مصر البشارة، القيروانى يساعد المسيح فى حمل الصليب.
وكما أتت البشارة من ليبيا تعود الشهادة من جديد، 21 أسدا من أسود نيافة الأنبا بفنتيوس، أسقف سمالوط: (ماجد سليمان، تواضروس يوسف، هانى عبد المسيح، صموائيل الهم، ملاك إبراهيم، ملاك فرج، عزت بشرى، يوسف شكرى، آبانوب عياد، بيشوى اسطفانوس وصموائيل اسطفانوس، كيرلس بشرى، جرجس ميلاد، مينا فايز، عصام بدار، سامح صلاح، جرجس سمير، جابر منير، ميلاد مكين)، هؤلاء الذين استشهدوا مرفوعى القامة أقوى من قاتليهم وأعادوا الوطن والكنيسة إلى عصر الشهادة الوطنية الممزوجة بالجسد والدم، آه يا وطنى حتما ستنتصر.. كما انتصر أطفال بيت لحم على هيرودس، وتم الخلاص، وكما أبطلت دماء 30 يونيو و14 أغسطس المخطط الإخوانى الأمريكى أبطلت دماؤكم مخطط الإرهاب الأسود، نسور السماء بقيادة السيسى تعيد لكم ولنا الكرامة الوطنية، وتصبح دماؤكم خطا أحمر وأمنا قوميا.
ويكتب الأنبا مكاريوس أسقف المنيا (بقدر ما كان الفيديو صادما، بقدر ما يحسب أقوى وثيقة مسجلة بالصوت والصورة، وبقدر ما أثار مشاعر استياء.. بقدر ما شجع آخرين، الذين روعوا من أهالى الشهداء من المشهد سيشعرون بالفخر والكرامة التى صارت لهم ولأولادهم. من شجاعة ورباطة جأش هؤلاء الشباب وهم أمام الموت مفتوحى الأعين، أعاد لنا المشهد ما كان يحدث لشهدائنا وكيف لم يجبنوا أمام جلاديهم، على أمهات وكهنة المنيا أن يفخروا بثمرة تعبهم إذ أعدوا أولادهم للاستشهاد كما سلك أجدادهم.
استشهادهم سيروى الكنيسة وينعشها، لأن دماء الشهداء بذار الإيمان، لا تكف المنيا عن تقديم شهادة للوطن والمسيح، من أسبوع لآخر، بينما كانت تتحرك الشفاة قبل الذبح، كدت أسمع صلواتهم لأجل الذين سيقتلونهم، من خلال التقنيات العالية، قدم داعش ـ دون قصد ـ أعظم إخراج لفيلم وثائقى عن الشهداء المصريين الأقباط، بينما سجل فى الوقت ذاته على نفسه عملا إرهابيا بشعا يستحيل نفية عنهم، لم يكن هؤلاء الشهداء كهنة أو رهبانا، ولم يتغربوا إلا من أجل لقمة العيش، ولكنهم مثلهم مثل جنود الكتيبة الطيبية، والمزارعين فى اسنا، كانوا يحملون إيمان آبائهم فى قلوبهم، وعند الامتحان شهدوا له وماتوا لأجله، بل إن كونهم ليسوا من الاكليروس يكسبهم كرامة أكثر، فقد كان أشهر ثلاثة شهداء فى الصعيد فلاحين، وأولاد الام دولاجى كانوا عائدين من الحقل، وسيدهم بشاى كانتاجرا وغيرهم كثيرين.. كان لهم الإيمان النقى البسيط)، هكذا كانت شهادة الأنبا مكاريوس عن الحدث.
وما زال الشهداء يتنادون من بسطاء الجنود للقادة تختلط دماؤهم الذكية بالنيل والبحر ورمال سيناء وتراب الوطن، وأبدا لن تمر الفاشية وسننتصر حتما، وتحيا مصر.