بعيدًا عن التوهان بين دهاليز نظريات المؤامرة.. عناصر التقاء عديدة تجمع فى آلية التفكير والتنفيذ بين تنظيم داعش وإدارة السياسة الأمريكية.. كلاهما يعتمد تبنى الشعارات الضخمة القائمة على التسلل والتأثير فى الثوابت الغريزية.. الدين فى حالة داعش، وعناوين الديمقراطية والعدل التى ترفعها أمريكا شعارًا لغزواتها.. هى بمثابة ستائر برّاقة قد تنجح فى حجب الحقائق الوحشية عن عقول ارتضت تسخير نفسها سواء لخدمة "حد السيف" أو طائرات الفانتوم.
تسخير آلة إعلامية قوية ذات توجه واحد تمتلك كل المقومات التقنية والحرفية لإبهار الرأى العام والاستحواذ على اهتمامه، و لو حتى عن طريق "الصدمة و الرعب"- و التعبير ليس غريبًا عن القاموس العسكرى الأمريكى- من فرط الوحشية.. داعش تؤمن، وفق شهادة الصحفى الفرنسى ديدييه فرنسوا الذى أسرته داعش لمدة عشرة أشهر مع الصحفى جيمس فولى الذى أعدمته داعش، أنه كلما تصاعدت مشاهد ممارساتها الدموية التى تصدرها للعالم، ازدادت قدرتها على السيطرة وفرض نفوذها.. ما يُعيد للذاكرة مظاهر الوحشية التى غلبت على أداء القوات الأمريكية فى العراق وليبيا، بينما هى ترفع شعارات التدخل لبناء نظام ديمقراطى فى هذه البلاد!! مع أن تجارب الفشل توالت عليها عبر التاريخ فى سياسة فرض الأمر الواقع بقوة السلاح منذ حرب فيتنام.
الخطوات البطيئة التى تمضى بها القرارات الدولية فى محاربة داعش، سواء القرار الذى أصدرته فرنسا منذ أيام اعتزامها اتخاذ إجراءات لمنع تمويل تنظيم الإخوان والجماعات الإرهابية الأخرى، أو قرار مجلس الأمن بتجفيف منابع التنظيمات الإرهابية، تعكس التخبط الأمريكى فى تبنى سياسة حاسمة وسريعة لمواجهة داعش.. مما يدعم منطقيا الافتراض الوحيد أن أمريكا لا تضع على أولويات اهتماماتها خطر داعش رغم الشعارات الضخمة التى أحاطت بالتحالف الذى تبنت تشكيله ضد الإرهاب.. ولجوء الرئيس الأمريكى أوباما مؤخرًا إلى الكونجرس للموافقة على إرسال قوات برية إلى العراق وسوريا للمشاركة فى الحرب على داعش بعد النفى القاطع الذى صدر عن جميع مراكز صُنع القرار الأمريكى مع بدء الضربات الجوية للتحالف الدولى عن عدم نية أمريكا إرسال قوات برية.
داعش التى ينجح تمددها فقط عبر حدود اختلّت عناصر التأمين الكافية فيها مثل سوريا والعراق وليبيا.. تمارس محاولاتها فى التشويش على مهام واستنزاف الجيش المصرى إما عبر إعطاء التعليمات إلى أذرعها فى سيناء أو التخطيط لمجازر وحشية تستدعى ردًا حاسمًا وسريعًا من الجيش كما حدث مؤخرا.. مخطط شيطانى مكتمل الأركان لحرق المنطقة العربية حتى فى أدق تفاصيله، فالشكل الخارجى لسفاحى داعش لا يعكس صورة مجموعة "دراويش" ينتمون إلى تنظيم تكفيرى لا يتجاوز عمره عامين.. البنية الجسدية تظهرهم كمجموعات قتالية حصلت على قدر كبير من التدريب القتالى.. وصورتهم تُعيد إلى الذاكرة مجموعات "بلاك ووتر"- مؤسسة أمريكية للمقاتلين المرتزقة استعانت بهم الحكومة الأمريكية لبعض المهام فى العراق.
فى إطار الإشارات الواردة من أمريكا ودول الغرب عن عدم إعطاء ملف داعش الأولوية، ومع تواصل المساعى المصرية لاستصدار قرار من الأمم المتحدة لتشكيل تحالف دولى ضد إرهاب داعش، تتصاعد ضرورة إيجاد صيغة أكثر جدية لتحالف عربى- بصرف النظر عن المسميات- والمستقبل القريب جدًا غالبًا سيحمل هذا التنسيق تحديدًا بين مصر، ليبيا، العراق، الأردن، السعودية، ودول الخليج.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
الارهاب سيطول كل الدول بما فيها الغرب اذا لم يتعاون العالم فى دحره والقضاء عليه
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
ايادى الغرب ملطخه بالدماء فى كل من ليبيا والعراق وسوريا واليمن وايضا فى سيناء المصريه
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
موقف امريكا والغرب والامم المتحده من الارهاب مثير للدهشه رغم معاناة العالم من اجرامه
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
اما نحن العرب فلا نجتمع على كلمة سواء بل نعطى الفرصه لاعداءنا لتفريقنا والتلاعب بنا
بدون