فاجأنى صديق صحفى متحمس بموقفه مما يحدث على الساحة السياسية، وقال عبارات متشائمة كثيرة، إلا أن أهمها قوله: «نحن نتجه إلى دولة شمولية»، وماذا إذا رفع أحد شعار رابعة، ألسنا فى دولة ديمقراطية؟ ألا يحكمنا دستور وقانون؟ ألا توجد حرية رأى؟ وماذا فى أن أصف ما حدث فى ميدان رابعة بالمذبحة؟ إذا ظللنا على هذه الحال من رفض الرأى المختلف فلن نصل إلى أى سلام مجتمعى ولن نحقق الديمقراطية المنشودة وستتحول الحريات إلى عملة نادرة.
أدهشنى هذا الحماس فى غير موضعه، مثلما أدهشنى تفسير الأمور من قشورها دون تمعن أو إدراك لما نمر به أو نعانيه على كل الأصعدة، وسألته: ألا تعرف أننا فى حالة حرب على الإرهاب الدولى وإرهاب الإخوان فى الداخل؟ ألا تعرف أن شعار رابعة المجرم هو شعار إرهابى وليس شعارا سياسيا ويتم استخدامه للإشارة إلى كل أشكال العنف المسلح ضد الدولة؟ هل تعتبر أن من يرفعون السلاح ضد الدولة يمكن أن يتمتعوا بأى حقوق أو تعاطف؟ وهل يمكن أن نبتلع الطعم الذى تلقيه الإدارة الأمريكية ونردد نفس خطاب المنظمات الحقوقية الموجهة التى ترفع ورقة حقوق الإنسان ككلمة حق يراد بها باطل لإجهاد الحكومة المصرية؟
وواصلت أسئلتى للصديق الصحفى المتحمس دون إدراك، كم جنديا من الجيش والشرطة سقطوا بنيران الإرهاب الخسيس؟ وكم مواطنا بريئا راحوا ضحايا للقنابل العشوائية التى تزرعها جماعة الإخوان الإرهابية والخلايا المنبثقة عنها فى الشوارع والميادين؟ ألا يرتكب الإرهابيون مذابح ضد المواطنين الأبرياء وضد الجيش والشرطة ؟ فكيف يكون الرد؟ بالورود؟ بالفكر؟ أم أن من يطلق رصاصة يتلقى دانة مدفع ومن يزرع قنبلة يستحق الإعدام بدون مقدمات؟ ثم من أى جهة سقط أول ضحية فى فض اعتصام رابعة والنهضة، ألم يكن من الشرطة؟ ألم تشاهد القناصة فى العمارات تحت الإنشاء بميدان رابعة ومن بدأ القتل؟ ومن يواصل القتل والتحريض عليه؟
وفى ظل هذه الظروف، ما أولوياتنا للتعامل مع حكومتنا التى تخوض حربا لا هوادة فيها؟ أن نخوض معها المعركة الأهم ضد الإرهاب حتى نقضى عليه، ثم نلتفت إلى الأجندة الحقوقية فنناضل من أجل استيفائها، أم نكون سيفا على حكومتنا الوطنية ونزيد عليها جبهة مفتوحة تستخدمها القوى العدوة فى إضعافنا؟
وللحوار بقية