بينما انطلق الاستحقاق الأخير بخريطة الطريق، متمثلاً بالانتخابات البرلمانية، وبتزامن مواجهات جيشنا الوطنى بعدة جبهات داخليًا وشرقًا وغربًا، وترقبًا لعقد المؤتمر الاقتصادى بمارس المُقبل، اندلعت موجة جديدة من المزايدات المُبتذلة، ولم تقتصر أطرافها على الإخوان والدواعش فحسب، لكنها تدحرجت لتقتحم دائرة أنصار الدولة المدنية المفترض تكاتفهم لترسيخ «الجمهورية الجديدة»، وبالطبع فدوافعها معروفة وتتصدرها المعركة الانتخابية، فنشاهد عبر الفضائيات، وساحات التواصل الاجتماعى والصحف، ملاسناتٍ ومهاتراتٍ لأطراف تزعم جميعها تأييد «المسار السياسى» بقيادة الرئيس السيسى، وتشكيل «ظهير شعبى» للجيش والأمن. ورغم اتفاق الفرقاء بالأهداف، لكنك ستتعثر بأبشع البذاءات والاتهامات بالتخوين ليصل الأمر لحالة يضطر معها الحكيم للاحتفاظ بمسافة تحميه، وربما التشرنق تحاشيًا لـ«النيران الصديقة» فاكتظت المواقع الإلكترونية بمراهقى السياسة، والذين ينصبون أنفسهم «وكلاء حصريين» للوطنية، بعدما تراجعت موجات التكفير لتراجع التعاطف مع جماعات التأسلم السياسى.
مذيعون مشهورون يُفترض مساهمتهم بتشكيل الوعى الشعبى، لكنهم يتراشقون بالسخرية حينًا، وأحيانًا بتوجيه الاتهامات الخرقاء تلميحًا وتصريحًا، تعقبها عمليات «قصف إلكترونية» تتصيد مسائل شخصية بالدعايات السوداء، ووصل الأمر لدرجة توزيع مطبوعات «مجهولة المصدر» لتشويه سمعة المرشحين للانتخابات.
وتسود المشهد السياسى المصرى حملات ضارية غير أخلاقية لتصفية الحسابات الشخصية والسياسية، ووصلت لدرجة دعوات فاشية لإقصاء المخالفين حتى المنتمين لمشارب مشتركة، وتسفيه حرية التعبير بمزاعم محاربة الإرهاب، واستنساخ تجربة الستينيات البائسة التى أفضت لهزيمة نكراء، ليتعمق الاستقطاب وتوابعه الخطيرة، فإذا كان الإخوان وأنصارهم انتحروا سياسيًا بتورطهم بالعنف، فليس مقبولاً التوسع باستبعاد المخالفين رغم انطلاقهم من «خلفية وطنية» لنتناحر بشأن أبسط مناقشة.
بالطبع لن يُجدى إصدار قوانين لمواجهة «حملات الردح» و«حروب البذاءات» التى تُضعف «المناعة الوطنية» للدولة، ولعلها أخطر أدوات تنظيم الإخوان الدولى، والحركات الفوضوية المدعومة بجهات مشبوهة، لاستغلال شرائح مأزومة لتدمير السلم الاجتماعى، وبدلاً من مساهمتهم ببناء الوطن نجدهم يمارسون دور «حفارى القبور» لمنافسيهم، و«آلات بذاءات» لصالح شخصيات وجهات يشوب الغموض أهدافها الخبيثة، فالوطن أحوج ما يكون للتكاتف وإعلاء المصلحة العامة لنتجاوز التحديات الأمنية والاقتصادية والسياسية، فمصر حيال مفترق طرق لا يحتمل «المهاترات الممنهجة» وأجواء التربص البغيضة.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة