ربما لم يلحظ أحد خلال كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسى، تأكيده أن واقعة الدفاع الجوى لن تمر دون جزاء سواء للمتسببين فيها، والجناة بكل تأكيد، ليشير الرئيس للشعب نحو الغد الذى طال انتظاره.
الشارع المصرى الذى يرى كل سكانه الأصليين أن مأساة استاد بورسعيد لم تنته بعد وتحديدا النهاية المطمئنة، سواء بإعلان تحمل المسئولية سياسيا وبالتالى معاقبة المتهمين.. برغم الأحكام التى صدرت، والموجودة الآن فى حالة تداول فى ساحات إجراءات التقاضى.
جاءت أيضا مأساة استاد الدفاع الجوى، وحالة الصمت التى لازمت كل السلطات على مدار الـ48 ساعة، التى أعقبت الحادث، إلى أن جاء تأكيدا من الحكومة على أن هناك متهمين هم قيد التحقيق، بالإضافة للجان تدقيق تفحص الملف لتحميل كل هيئة، أو أفراد مسئوليتهم العامة أو السياسية.
أغلب الظن أن التأجيل الأول بنظر ملف عودة الدورى خلال اجتماع مجلس الوزراء عقب أسبوع من مأساة الدفاع الجوى، جاء على خلفية تعليمات الرئيس، بل وما أكدته مصادر عليا حول طلب الرئاسة أن توضع كل نتائج التحقيقات على مكتب الرئيس.. لذا فإن ما يدور الآن فى الحجرات المغلقة يؤدى إلى ربط عودة كرة القدم، مرهونة بإجراءات صارمة تعيد العدالة.. وتجعل القانون خير حافظ للحقوق، وما يدل على ذلك أن تعبيرات الرئيس واضحة وبغاية البساطة عن مكالمته مع النائب العام لتقديم واجب عزاء.. حيث قال الرئيس إنه سأل عن تحقيقات فى واقعة ضحايا الدفاع.. ليعيد تفسير ما قاله مؤكدا أن قادم الأيام سيحمل أمانى المصريين فى أن تتم محاسبة من يخطئ دون تمييز.. وأيا كان المسئول، وهو ما دفع بالعديد من متابعى الخطاب إلى الاستبشار خيرا، بأن تدخل الرئيس للمطالبة بتحقيقات موسعة، دون تدخل فى الشأن القضائى بالطبع، معناه أن الجانى والمحرض.. والمستهترون بمصائر الشعب المصرى دخلوا دائرة العقاب ولن تتم "طرمخة" المواضيع، هذا الاتجاه يفرض أيضا على الجميع أن ينتبهوا بأن الفوضى فى طريقها للنفاد، ولن يعاد شحن كارت الفوضى مرة أخرى، فظهور الجناة.. ومعاقبة المتقاعسين، وضبط المستهترين والمحرضين، يعنى أن تطبيق القانون على الجميع قادم لا محالة، وأنه لن يكون هناك موقع من الإعراب لأى مسميات جماعات.. روابط.. شلل، ولا لأى اقتراحات تأتى بدائل للتعامل بالقانون الملزم للشعب والدولة.
بالفعل.. كان هذا هو توجه الرئيس، بعدما لمس أن هناك عدم اهتمام بأن توضع كل الأمور فى نصابها، وأن الشباب، بل والأسرة المصرية كاملة كان حديثها طوال الفترة الماضية عن ضياع حقوق الضحايا بلا رجعة.. بهذا إلى حين الانتهاء من التحقيقات، ثم توقيع الجزاء المناسب على كل المشاركين، سيصبح الشارع المصرى أقرب إلى الهدوء والاطمئنان بأن الاهتمام الرئاسى بالملف الأكثر إزعاجا ضمانة لحراك جديد فى اتجاه تحقيق العدالة.
القريبون من بواطن الأمور، ومصادر عليا تأتى تحليلاتها أيضا فى نفس الاتجاه بأن عودة كرة القدم إلى الدوران فى الملاعب المصرية.. أولا آتيه لا ريب فيها، إنما يجب أن تتزامن مع ظهور حقوق الضحايا.. ليعود الدورى الضال سريعا.. ثانيا أن يصبح القانون هو الحاكم.. وتحل عصى القانون الغليظة مكان عصى الفوضى الأكثر كارثية.